وكالات : كواليس
تونس- طفا الجدل حول تمثيل المرأة في الحياة السياسية بتونس على السطح مجددا مع غلق باب الترشح للانتخابات التشريعية 2022، حيث أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عدد ملفات الترشح التي بلغت 1429 ملفا، منها 214 فقط لنساء.
وهللت جمعيات ومنظمات نسوية فيما مضى بتعيين نجلاء بودن أول امرأة تونسية وعربية تتقلد منصب رئاسة الحكومة، إلا أن هذا التعيين لم يكن في مستوى تطلعاتهم، حيث أثارت نسبة مشاركة المرأة في الانتخابات التشريعية المنتظرة في ديسمبر/كانون الأول المقبل حفيظتهم، وصدرت بيانات تنادي بضرورة المساواة بين الرجل والمرأة في الحياة السياسية، خاصة بعد صدور القانون الانتخابي الجديد.
خلل تشريعي
وأرجعت رئيسة الاتحاد الوطني للمرأة التونسية راضية الجربي انخفاض نسبة مشاركة المرأة إلى ضرب مبدأ التناصف في القانون الانتخابي الجديد، مؤكدة أن تمثيل المرأة في البرلمان القادم سيكون الأقل، سواء قبل الثورة أو بعدها.
وألقت الجربي -في حديثها للجزيرة نت- باللائمة في ذلك على “الدولة التي لم تُكرّس مبدأ تكافؤ الفرص بين الجنسين، ولم تُحقق العدالة الاجتماعية بالحد من كل أشكال العنف ضد المرأة، بما فيه العنف السياسي والاقتصادي المسلط على النساء في الوصول إلى مواقع القرار”.
وبالعودة لإحصاءات الانتخابات التشريعية عام 2014، تشير الأرقام إلى ترشح 5502 امرأة من بين 11 ألفا و686 مرشحا، أي بنسبة 47%، إلا أن ترأس النساء للقائمات بلغ 178 امرأة فقط من جملة 1327 قائمة مترشحة، أي بحوالي 12%، وكانت هذه النسبة نحو 7% في الانتخابات التشريعية عام 2011.
القانون منصف
من جانب آخر، يعتبر البعض أن قاعدة المساواة بين المرأة والرجل متوفرة في القانون الانتخابي الجديد، حيث لم يفرد هذا القانون الرجل بأي امتيازات وذلك بوضع شرط التزكيات للجنسين.
وأكد ذلك الناطق الرسمي باسم حراك “25 جويلية” (الموالي للرئيس) -في حديث للجزيرة نت- حيث قال إن المسألة لا تتعلق بالجنس، وليست هناك تفرقة بين الجنسين في قانون الانتخابات، بل المسألة ببساطة تعود إلى كون المرأة أقل قدرة من الرجل على الدخول إلى الأماكن العامة والمقاهي والنزول إلى الشارع لإقناع الناس وجمع التزكيات.
وعلى مدى الأعوام السابقة، وُجدت المرأة التونسية بنسبة 29% في المجلس التأسيسي عام 2011، وبنسبة 31% في مجلس نواب الشعب عام 2014، في حين كانت نسبتها في برلمان عام 2019 نحو 24%.
هيمنة ذكورية
ويرى المختص في علم الاجتماع سامي بن نصر أن مسألة حضور المرأة والشباب في الحياة السياسية يتم توظيفها في الحملات الانتخابية، لتحسين صورة طرف سياسي على حساب بقية الأطراف.
وأضاف بن نصر أن الصورة الحقيقية للمشهد السياسي التونسي ذكورية بامتياز، وكانت تغطى بستارة “التناصف”، وعندما أُزيح كشف ضعف حضور المرأة في الحياة السياسية من خلال غيابها عن الترشح الفردي، وهو ما يعبر عن وعي المرأة التونسية لكونها مجرّد ورقة يتم توظيفها لمصالح سياسية، وحضورها شكلي فقط، فأصبحت لديها أزمة ثقة في السياسة والمجتمع المدني والأحزاب على حد سواء.
وبحسب بن نصر، فإن “المرأة العربية بشكل عام ما زالت بعيدة عن الحضور بقوة في الحياة السياسية بسبب هيمنة العقلية الذكورية على مجتمعاتنا، والتي لا يمكن أن تعالج بالقانون”.
واستشهد بمقولة سوسيولوجية لدوركايم: “نحن لا نرفض فعلا لأنه جرمي وإنما هو جرمي لأننا نرفضه”، يعني أن هناك أسبقية رفض مجتمعي على النص القانوني.
ومن الجدير بالذكر أن الانتخابات التشريعية التونسية المقررة في 17 ديسمبر/كانون الأول المقبل تختلف عن سابقاتها من حيث عدد المترشحين ونوعهم، حيث ستجرى الانتخابات بالنظام الفردي لا بنظام القوائم.
كما أن العدد الإجمالي للمترشحين -المقدر بـ1427 مترشحا- هو الأضعف إذا ما قورن بانتخابات 2011 (1517 قائمة)، وانتخابات 2014 (1327 قائمة)، وانتخابات 2019 (1500 قائمة)، مما يعني أن عدد المترشحين هو ضعف عدد المترشحين لتشريعية 2022.