بيان الرئيسين البرهان وروتو خطوة كبيرة إلى الأمام في اتجاه الدفع لإنجاح منبر جدة وترتيبات الحوار السوداني – السوداني، التي يفترض أن تلي التقدم في المسارين العسكري والإنساني.
– من الناحية الشكلية – لكنها مهمة – تجاوز البيان هرطقات لجنة الإيغاد الرباعية التي يرأسها روتو حين اجتمعت في أديس أبابا وساوت بين الدولة بقيادتها وبين المليشيا التي تمردت عليها.
– البيان أعاد أمر الوساطة ل رؤساء دول الإيغاد مجتمعين، وهذا تطور جوهري، وتحدث عن قمة مرتقبة للرؤساء، وكلّف الرئيس روتو بنقل مخرجات الإجتماع إلى رئيس الدورة الحالية للإيغاد، الرئيس إسماعيل عمر قيلي.
– هذا يعني أن قمة رؤساء الإيغاد المرتقبة، والتي يُستنتج أنها ستكون طارئة تبحث بنداً وحيداً هو “الحرب في السودان” قد تُجري تعديلات على آليتها للوساطة، إما بتوسيع الرباعية أو بتعديل تشكيلها أو حتى استبدال رئاستها.
– أما موضوع الحوار السوداني الشامل، فهو الخيار الذي لا مفر منه، لأي طرف – داخلي أو خارجي – يريد أن يُنتج حلاً غير مفخخ، وفي هذا السياق يأتي موضوع عودة حمدوك التي هي في شكلها الجديد عودة سياسية باعتباره رئيساً لجبهة “تقدم” ، وهي جبهة تمّ تصميم هيكلتها خصيصاً لتناسب الرجل.
– في جبهة حمدوك الجديدة تمّ تذويب “قحت” كمسمى، وبقيت كأشخاص، وكما ذكر الخال @طاهرساتي صحفي – إن لم تخني القدرة على المتابعة – فإن فرصة بقاء هذه الجبهة متماسكة تبدو محدودة، خاصة إذا تذكرنا أن أحد أعضائها النشطين هو ياسر عار مان، لكنها على كل حال هي الآن في طور التشكل !!
– أما حديث البعض عن “الجذرة” في موضوع إشراك الإسلاميين أو المؤتمر الوطني أو مَن يسمونهم منسوبي النظام السابق، فهو حديث يمكن أن يؤخذ بوجهين: الأول باعتباره حديثاً جاداً يعبر عن رغبة الفاعلين في الساحة السياسية والوسطاء، بأنه لا مصلحة سودانية مرتجاة إن تم إستثاء أي طرف من الأطراف عن مائدة الحوار السوداني – السوداني، وفي هذا السياق يأتي أيضاً عدم إستثناء “جبهة تقدم” ورئيسها حمدوك، وهذا ما أرجحه، من باب التحليل.. والثاني: أن تكون للعبارة تتمة على شاكلة “ما عدا” ولهذا عدة أوجه من بينها ترشيح إسلاميين محسوبين على نظام الإنقاذ للمشاركة، كأشخاص وليس بالضرورة أن يكونوا ممثلين لتيار سياسي، وهذا ما لا أرجح حدوثه، حتى لو تمّ الترشيح.. أي أنه حتى لو قام الوسطاء بخطوة كهذه فلن يتجاوب معها أحد، وسيتم النظر إليها كمحاولة غير جادة تهدف فقط لإحداث شروخ داخل صف المؤتمر الوطني والإسلاميين.
-والخلاصة أنه لا ينبغي النظر إلى نتائج قمة البرهان – روتو بعين الريبة والشك، فهي – في تقديري- تعبّر عن إرادة محلية وإقليمية لإيجاد تسوية نهائية لموضوع الحرب في السودان وإعادة ترتيب أوضاع البلاد بواسطة أبنائها بمختلف أحزابهم السياسية ونخبهم الفكرية.
– وعلى القوى السياسية التي طالما ساندت القوات المسلحة في معركة الكرامة الحالية، أن تقتحم على الوسطاء والفاعلين الإقليميين والدوليين، وتدخل عليهم الباب، لا أن تقف متفرجة أو تنتظر من أحد أن يجود عليها بدور تلعبه، وأن تفرض رؤيتها لكيفية التسوية السياسية الشاملة على الجميع بمن في ذلك قادة القوات المسلحة، وهذا إن لم يتم الآن، فربما يكتشف المعنيون به – بعد وقت قصير – أنه لم يعد ممكناً.