تصاعدت الأصوات في الرأي العام المطالبة بتغيير المعادلة السياسية والعسكرية، وأن يقود البرهان هذا التغيير بنفسه وذلك بتغيير سياساته أو أن يكون هو عرضة للتغيير.
ولكن ماهو المطلوب بالضبط من البرهان كي يحدث التغيير وإن تعذر كيف يمكن أن يتم تغييره هو؟.
وتحت أي شعار؟
ومن أين سيأتي؟
هل سيأتي عبر انقلاب عسكري مهني بحت أم بتخطيط حزبي؟
أم هل سينفجر الشعب عبر ثورة شعبية كبيرة؟ دعونا في هذا المقال نقرأ كل هذه الإحتمالات.
دواعي التغيير:
1.عدم تسليح المستنفرين، وعدم استخدامهم في الحرب.
2.عدم تكوين حكومة حرب.
3.عدم تعيين حكام ولايات عساكر.
4.عدم محاكمة الطابور الخامس الداعم للتمرد.
- عدم فضح الدول الداعمة للتمرد.
6.عدم اعلان حالة الطوارئ.
7.عدم إغلاق الحدود مع دول الجوار (التى تدعم التمرد) والحدود بين الولايات.
8.عدم الاعلان عن سياسة خارجية واضحة وقوية تساعد في تحقيق الانتصار.
9.ضرورة تغيير أسلوب البرهان الغامض المتردد المتماهي مع الخارجي المراوغ مع بالداخلي المنحاز الى قحت. - تطاول أمد الحرب في الخرطوم وانتقالها الى الولايات وانسحاب الجيش من نيالا، زالنجي، الجنينة. الاحتمال الأول: والمفضل والأسهل والأكثر أمنا وأمانا هو أن يقوم البرهان بنفسه بتحقيق مطلوبات التغيير الموصوفة أعلاه. بصورة قوية وفاعلة و متكاملة وصادقة. الاحتمال الثاني: التغيير عبر انقلاب عسكري
ويأتي هذا الاحتمال، في الترتيب الثاني من حيث سهولة التنفيذ وإمكانية تحقيق المطلوب بأمن وأمان. حينما تعجز القيادة العامة عن إمداد الحاميات بالذخيرة، وتضطر الحاميات للإنسحاب، حينما يستشهد كبار قادة الجيش من الرتب العليا بالعشرات، حينما تتداخل التنازلات السياسية مع الإخفاقات العسكرية مع الضغوط الأجنبية،… الخ. حينما تجتمع كل هذه الاسباب وغيرها، إذاً من المؤكد أن يكون الراي العام داخل الجيش، هو المطالبة بالتغيير، أما حينما ينفجر الجنود في وجه القائد العام تحت شعار: فك اللجام. إذا فان ذلك يعني أن القائد العام في شخصه مكان التغيير المنشود. ومع كل ذلك، فان حدوث اي انقلاب عسكري، ليس بالأمر الساهل. و يظل نجاحه مرهونا بخمسة عوامل هي:
1.الخطة الفنية البحتة.
2.الحاضنة العسكرية (اي الرأي العام داخل الجيش). - الحاضنة السياسية والاجتماعية (أي الرأي العام في المجتمع).
- القبول والاعتراف الدولي.
- وجود مجموعة شجاعة متجانسة ومستعدة قادرة ومقتدرة (قادرة على قيادة الدولة بعد الانقلاب).
في ظروف السودان الحالية، فان العوامل الخمس متوفرة، بدرجة نسبية. وتتوقف درجة نضوجها فقط على تقديرات إجرائية تتعلق بالتنفيذ.
فزاعة هذا الاحتمال هو اعتراض المجتمع الدولي وعدم اعترافه بالتغيير الجديد وايضا تصنيفه وشيطنته.
لكن الانقلابات التي حدثت في دول غرب أفريقيا، قدمت نماذج ناجحة يمكن القياس على تجربتها بدعم شعبي وجيش قوي. مع العلم أن الرأي العام يعطي أولوية للبرهان ومازال ينتظره أن يقود التغيير.
الاحتمال الثالث التغيير الحزبي عبر قحت أو الاسلاميين:
أولا قحت: قادت قحت تغيير البشير تحت شعار: تسقط بس.
أي لا تسأل عن أين تسقط؟وماذا بعد السقوط؟ وكيف يكون السقوط؟
ولكن تسقط وبس.
هذا المنهج أتاح لقحت الاستعانة بالإمارات والسعودية وأمريكا وبريطانيا وكثير من المخابرات الدولية فسقطت أولا الارادة الوطنية ثم بعد ذلك سقطت الخرطوم في ميدان الحرب. الان تقود قحت ذات المطالب بالتغيير. تحت شعار التفكيك: تفكيك الجيش، تفكيك الاسلاميين، تفكيك الخدمة المدنية تفكيك دولة 56.
وبدعوى أن الثورة مازالت مستمرة. تستعين قحت بذات الروافع الخارجية و بسلاح الدعم السريع (يرفع الدعم السريع ذات الشعارات).
قحت تحاول أن تستغل ظروف الحرب لإحداث السقوط الثاني تحت شعار التفكيك الشامل.
حيث نجحت قحت في الوقيعة بين الجيش والدعم السريع (الدمج خلال 10 سنوات يتمتع خلالها الدعم السريع باستقلالية كاملة عن القائد العام).
تسببت قحت في تفكيك المجتمع بتفريغ الخرطوم وتحويل خمس مليون مواطن، الى نازح.
والان تكافح بذات الأدوات لإكمال ماتبقى من التفكيك وتروج لإنتصارات الدعم السريع وتطعن في الجيش وتخزل ضده.
ثانيا الاسلاميين:
إذا لم تكن للإسلاميين مجرد فكرة عن قيادة التغيير، فذلك يعني أن قوة تحملهم للتفكيك ماتزال خانعة و بلا سقف.
وأن قرارهم بعدم مشاركة قيادات الصف الأول في قيادة الأحداث، جامد لا يتزحزح.
فقد تحملوا سقوط حكومتهم، تحملوا استهداف حكومات حمدوك المختلفة ولجنة التمكين لقياداتهم وعضويتهم، تحملوا خطاب الكراهية والشيطنة، تحملوا استهداف الدعم السريع لهم عبر حرب 15/4/2023، اختطاف رئيس المؤتمر في الخرطوم ورئيس الأمانة السياسية أنس عمر، استهداف مقر علاج الرئيس البشير بالمسيرات، تهجير 5 مليون مواطن، احتلال المنازل، الاغتصابات، سقوط نيالا، الحنينة، زالنجي … الخ.
منهج قيادات الاسلاميين هو ترك المجال للمؤسسات الرسمية للدولة والشعبية للمجتمع لأن تقوم بواجباتها دون أي تدخل. وأن تتحرك عضويتهم كأفراد داخل هذه المؤسسات كل حسب موقعه منها وواجبه كمواطن او كفرد مسؤول. وأن لا تظهر قيادتهم الأولى في أي فعل أو رد فعل.
معنى ذلك أنهم وضعوا كل البيض في سلة القوات المسلحة، أي تحت تصرف القائد العام البرهان، واستنفروا ما يزيد عن 120 ألف مجاهد مع عامة الناس، تبرعوا بالدعم المالي والعيني في كل ولايات السودان. صحيح أن هنالك أصوات قليلة منهم ظلت تنادي بتغيير البرهان، (تحت شعار لا انتصار تحت قيادة خائن أو عميل) إلا أن تلك ظلت مجرد أصوات تحت مسؤولية قائليها وتعبر عن قناعاتهم الشخصية، في اطار الضغط التوعوي والإعلامي.
إن أعلى سقف وصل إليه الرأي الرسمي للإسلاميين في انتقاد البرهان هو مجرد توجيه الانتقادات مع مطالبته هو بتغيير سياساته.
ونكرر ذات السؤال:
هل ليس للإسلاميين أي الية أخرى غير راية القائد العام للجيش؟
مع العلم أن الحاضنة الاجتماعية للإسلاميين هي الاقوى على الصعيد الداخلي والأكثر تماسكا واستعدادا لبذل اي مجهود مهنيا وماديا وروحيا.
يظل هذا السؤال مطروحا.
الاحتمال الأخير هو الانتفاضة الشعبية:
تكمن صعوبة هذا الخيار في الظروف الاجتماعية والمادية والنفسية والاجتماعية القاسية التي يعيشها المجتمع. والتي تعيق أي عمل جماعي وتتطلب جهدا خرافيا مازال الطريق طويلا أمامه ومن شبه المستحيل أن يحدث تغييرا سريعا.
الا انه يمكن توظيفه كحافز ورافعة مساعدة، تعين أحد الاحتمالات الأخرى.
خاتمة:
١.لايمكن أن تستمر حياة السودانيين كما هي عليه الان.
٢. لابد من التغيير.
٣. كيف ومتي واين ومن؟
الايام بالتأكيد سترجح كفة واحد من الخيارات التى ذكرناها.