الدكتور عباس أحمد الحاج، يكتب : رسالة للأخ الدكتور أمل الكردفاني

*تحية وبعد..
طالعت رسالتك التي تذم فيها أهل السودان.. لم تترك منقصة إلا وضعتها في هذا الشعب الطيب…ألم تجد في هذا الشعب الطيب حسنة واحدة تضعها على جيده وتبيض وجهه؟ ..أتذم أمة كاملة بسبب لصوص تحكموا في مفاصل حياتها؟ .. ففشل متعلميها وساستها لايعني فشل كل المجتمع.
أمة السودان صاحبة حضارة سادت العالم وعلمته فنون الحياة، تعال معي لنستعرض عظمة حضارة السودان..
أذكرك أننا لم يكن لنا نصيب في جائزة نوبل ومقارنتك بيننا والأخوة المصريين لم تكن موفقا فيها، فعلماء اليهود أخذوا ثلاثة أرباع الجوائز وكل العالم يعلم أنها مسيسة، فنجيب محفوظ ليس بأفضل من الطيب صالح…نحن نعتبر السودان ومصر كيان واحد ونتمنى لهم كل الخير ونعيب عليهم ظلمهم لأهل السودان والتحامل عليه وهذا موضوع آخر ..أعود لجائزة نوبل ومجالات علومها،الحضارة السودانية عزيزي فوق جائزة نوبل، فكل العلوم القديمة خرجت من حضارة ما قبل “كوش” ولو لا علم حضارة ماقبل “كوش” لما وصل العلم لهذه المراقي البعيدة..وقد تصاب بالدهشة إذا قلت لك ان علماء العالم اليوم أكثر من (74) عالم اعترفوا وقالوا أن هناك حضارة قديمة حكمت العالم وكانوا أكثر علما مما نحن عليه اليوم
أعلم أنك لن تقتنع ولكن تعال معي خطوة خطوة، إن علماء المسلمين “الطبري” و”ابن الأثير” و”البيضاوي” و”ياقوت الحموي” و”المسعودي” و”ابن حوقل” و”الرازي” و”البيروني” وعلماء الإغريق، “سقراط” و”أرسطو” و”إفلاطون” و”فيثاغورس” و”إسترابو”، قالوا جميعا ذات العبارة:(هناك حضارة قديمة حكمت العالم وبنت الإهرامات) وأضاف إليها علماء اليوم عبارة: و(هم أكثر علما منا)، هذه الحضارة عزيزي، هي حضارة ماقبل “كوش” الحضارة السودانية التي تجنيت عليها ولو حاولت أن أفصل لك فلن يسع المجال لذلك، سأحاول أن أبسط لك الأمر.
جامعة “هارفارد” من أعظم جامعات العالم، فقد عقدت مؤتمرا لعلم الميكانيا قبل عدة سنوات وخرج ذلك المؤتمر بجملة واحدة، (جميع بدايات علم الميكانيكا في العالم من دولة واحدة هي دولة مروي)، تعال معي عزيزي د.أمل الكردفاني لنعرف هذه المعدات، أولها الشادوف.. والشادوف معدة لها عمود وفي مؤخرتها ثقل ومقدمتها الدلو تخرج الماء من النيل بأقل مجهود وما زالت رافعات العالم في موانئه المختلفة تعمل بذات الكيفية
وارخص وسيلة لإستخراج البترول “كرجاكات البترول” وهي الأرخص في العالم، ثم تأتي المعدة الثانية وهي الساقية والساقية تعمل بالتروس وهي تعتمد على عملية حسابية معقدة يختلف عدد التروس الأفقية عن التروس الرأسية ولو اختلف العدد تتكسر التروس وكل مساحة لها ساقيتها..والعالم اليوم لم يجد بديلا للتروس انظر إلى سيارتك، إلى ماكينتها، كم فيها من التروس؟! أنظر إلى “الكرونة” والعجلات وعواميدها، كلها تروس..ثم آخذك إلى المعدة الثالثة، “بكرة البئر” وهذه فيها من الإعجاز ما حير العالم، فكل رافعات المباني والموانئ والعربات أنظر لمقدمة السيارة، كم فيها من البكرات؟، الماكينة والدينمو
و”المقنيتة” والتكييف..أتدري من أين أتت هذه البكرة؟ ..سآخذك في سياحة إلى بئر الشاوي وهي بئر لاتبعد كثيرا عن إهرامات البجراوية (انظر فيلم الطريق إلى النابع على اليوتيوب تجد هذه البئر المزهلة)، بئر عميقة الغور مبنية بالحجارة كالإهرامات يجر دلوها بالإبل ولايخرج الدلو حتى يختفي الجمل..من حفر هذه البئر؟ وأين وجد الأكسجين في هذه الاعماق السحيقة؟ ونحن نعلم أن الاكسجين ينعدم في عمق 50 متر ..ولو لا البكرة الموضوعة في أعلى البئر لما خرج الدلو ولما إستطاع الجمل إخراج لتر واحد من الماء ..ثم تفكر في مصاعد ناطحات السحاب كيف تعمل؟ ..اترك بكرة بئر الشاوي وانتقل للمعدة الرابعة التي ذكرتها جامعة هارفارد وهي الميزان “أبو كفتين”..ما أغربه من معدة.. اترك لك العنان لتتفكر فيه وأذهب لما قاله العالم الاسلامي الرازي، الذي عاب على العالم الاغريقي “بطليموس”، الذي لم يضع النجمة التي تمسك سيور كفة الميزان اليسار، فميزان سيوره غير مربوطة لايكون عادلا وقال “بطليموس” لايعرف الميزان لأنه من معدات أهل “كوش”، موطن “سيدنا إدريس” عليه السلام ويسميه الاغريق “هرمس” ويقول المؤرخ “استرابو” إن موطن “هرمس” عند منحنى النهر عند الجبل المقدس وهو “جبل البركل” ويقول “استرابو” :(النهر في الأرض هو ذات النهر في السماء) ورسم إنحناء النيل كما هو عليه اليوم وسبحان الله النهر في السماء في علم الفلك ما زال يشابه إنحناء النيل اليوم على شكلs مقلوبا.واثبات إن “هرمس” هو” سيدنا إدريس” عليه السلام، أكدها كل علماء المسلمين، فإدريس هو” هرمس” وهو “أخنوخ” عند اليهود وقالها سيدنا علي بن ابي طالب، كرم الله وجهه
و”عبدالله بن عباس”، رضي الله عنه:(اخنوخ عند اليهود هو إدريس عند المسلمين لتشابه الفعل) ..(ان الله رفعه إن الله اخذه معه)، هكذا تقول التوراة..ثم اذهب للمعدة الخامسة وهي “المحراث” …وهو حديدة معكوفة تجر بالثيران ورغم بساطتها، إلا ان العالم عجز عن ايجاد البديل.ثم اقف على حديث رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، فيما معناه، أن سيدنا إدريس أول من قرأ وأول من كتب على الرمل واول من تطبب واول من صنع الدواء واول من خاط الملابس ولبسها وخياطة الملابس هي بداية المدنية..أما عبارة (أول من تطبب)، فهذا عالم لوحده وهي تعني، أن أرضنا موطن الطب ويقول العالم السوداني “التجاني الماحي” إن “هرمس” هو أول طبيب في العالم، أما عبارة: (أول من صنع الدواء)، فهذه تجعلنا نعود لجائزة نوبل وكم من الأطباء أخذوا علم أهل السودان ويكفينا فخرا أن إبن سينا قال: إن أدويته تأتيه من “دار الأبواب” بالقرب من “بربر” ويعني “البجراوية” والأبواب هي أبواب السماء، التي صعد منها سيدنا إدريس عليه السلام إلى السماء الرابعة.
أتدري عزيزي د.امل ماهي الأدوية التي ذكرها ابن سينا؟ …”الصمغ العربي” و”حب الرشاد” و”السنمكة”و”التريبة” وذكر أنها تستخرج من الأرض.أما آخر النقاط فأريدك تأملها.. أول آية نزلت على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، (إقرأ) وحديث رسولنا عليه أفضل الصلاة والسلام عن سيدنا إدريس عليه السلام، بأنه أول من قرأ.. ما أعظم أن تكون الحضارة السودانية مرتبطة بمكة والقراءة.
أتود معرفة مستوى فطنة أهل السودان؟ … قبل سنوات ألتقيت بالعالم السوداني البروفيسور عمر هارون، فقلت له، أنا في حيرة من فوز أطفال السودان في منافسات “اليوسي ماس”، كيف استطاع أطفالنا الفوز بالمركز الأول لثلاثة سنوات متتالية؟ كيف فزتم على أطفال اليابان وأمريكا وبريطانيا وماليزيا
وسنغافورة؟! ونحن دولة لاتهتم بالتعليم، فقال لي، سنفوز في العشرة أعوام القادمة بالمركز الأول، قلت له كيف تضمن ذلك؟ قال لي، عندما يضع أطفالنا أقلامهم لايبلغ الأطفال الآخرين 50%.. خرجت منه وأنا خائف عليه وبعد أقل من شهر خرج ليتريض ولم يعد حتى اليوم.. أين ذهب لا احد يدري؟ ..ولو تركوه لنا لفاز السودان أقلها خمس مرات.
لفهم هذا الجيل، إن مستوى ذكائهم فوق المعدل..فيا أخي العيب ليس في أهل السودان ولكن في من يتولى أمرهم ..وأود ان أطمئنك أن جيل اليوم سيكسر كل القيود..لقد فهم أهل السودان الدرس.. علموا لماذا يقف أغلب جيراننا ضدنا؟ لماذا يعادينا الإتحاد الأوروبي؟ لماذا دعموا مليشيا الدعم السريع المتمردة بالمال والسلاح؟ ففرية الإتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية، كذبة صدقها السذج، فهجرات الأفارقة لاتأتي عبر السودان وإنما عبر دول أخرى ولو وزارة العدل عندنا قامت بمهامها، لسقطت معظم حكومات أوروبا لدعمهم منظمة إرهابية بأموال دافعي الضرائب.. أما لماذا تآمروا علينا وخططوا لتشريد هذا الشعب الطيب؟، هذا الذي ما يجب أن يعرفه أهل السودان، أتظن معاداة فرنسا وبقية الدول الأوروبية صدفة؟ أتظن معاداة جيراننا صدفة؟ وأنت تعلم كم وقف السودان معهم ودعم حركات التحرر فيها، من صنع إستقلال إثيوبيا؟ ومن قاد الإمبراطور “هيلاسلاسي” من “قصر الزعفران” على ظهور 18 ألف من الإبل، مات منها 15 ألفا لوعورة الطرق الجبلية وقال “هيلاسلاسي”: (ماتت من أجل إستقلال إثيوبيا).
وأخيرا أود ان أهمس في أذنك أن شعار “محكمة لاهاي” وبقية محاكم العالم “الميزان أبوكفتين” هو ميزان أهل” كوش” وكما ذكرت آنفا، إن الميزان في الأرض هو ذات الميزان في السماء في علم الفلك، ألم أقل لك أن موطن علم الفلك أرض “كوش ولو علمت تفاصيل أسماء علم الفلك عند الإغريق لأصبت الدهشة،” العنقريب”،” العناق”، “العبور”،” قنب الأسد”، بل كل أسماء علم الفلك مفردات سودانية..ومما ذكره البروفيسور عبدالله الطيب، انه متعجب لماذا يسمي الإغريق” العنقريب” ؟ و” بنات نعش” وهم لايحملون موتاهم على “العنقريب” ولاتنوح بناتهم على موتاهم..ولماذا تسمى قرى سودانية على منازل القمر؟ ك” قنب الأسد” وهو اسم منزل القمر رقم (11) ..ولماذا ذكرت الحناء في علم الفلك عند الإغريق؟ وأود أن إزيدك حيرة، هل تصدق أن الشهور العربية من محرم وحتى ذي الحجة هي شهور حضارة ماقبل “كوش”؟ هذا ليس قولي وانما قول “أرسطو”، (384 ق. م) والشهور العربية ذكرت في القرآن الكريم فيما بعد وكانت قد ذكرت في كتاب سيدنا إدريس عليه السلام “المصحف القديم” ولم يأخذ أهل مكة الشهور العربية إلا عام (450 ميلادية) وقد أخذها جد رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم،” كلاب بن مرة” ، من “يهود يثرب” وكانوا قد قدموا من أرض “كوش” وأظنك الآن قد اقتنعت أن السودان، أرض علم جار عليها بنوها.
لتجئ أنت وتقول لنا أن أرض السودان لم تفز بجائزة نوبل؟.. لو لا حضارتنا، ما كانت جائزة نوبل ولا كان العلم..أرجو أن أكون قد ساعدتك في إعادة ثقتك بوطنك..وأقول لك السودان قادم بقوة..قادم بقوة.

د.عباس أحمد الحاج

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *