ترجع قصة أغنية (بتقولي لا) للشاعر الأستاذ عثمان خالد إبن مدينة بارا العريقة.. المناسبة الحقيقية لهذه القصيدة، أن الشاعر كان الشاعر في رحلة على متن طائرة متجهة من الخرطوم إلى بورتسودان.
ووقع مقعد الشاعر عثمان خالد بالصدفة إلى جوار حسناء بورتسودانية معروفة، وكانت معها أبنتها الصغرى عمرها سنتين. حاول الشاعر أن يتعرف على السيدة الجميلة في المقعد المجاور فسألها: السلام عليكم
.ممكن نتعرف .. ؟
ردت: لا ..ببرود.
سألها مرة أخرى:إسمي عثمان ..ممكن أعرف إسمك ؟
ردت : لا
لم ييأس، سألها :ليه؟ أنا جاي بورتسودان زيارة وعايز أتعرف على ناس بورتسودان.
ردت : لا
..سألها مرة أخرى :طيب إنتي واضح من بورتسودان. طيب ممكن أعرف ساكنة وين ؟
ردت أيضا: لا
ثم أخرج الشاعر دفترا ..وظل يكتب عليه شيئا لمدة ..وهو يسترق النظرات أحيانا إلى الراكبة المجاورة. ثم بعد فترة، مد لها الدفتر..وقال لها لو سمحتي قولي لي رأيك بكل صراحة في هاتين القصيدتين.
تأملت الراكبة القصيدتين جيدا بدافع الفضول وحبها للشعر والإدب .تأملتهما مليا ..وكانت القصيدة الأولى معنونة، بعبارة( بتقولي لا) ..أما القصيده نفسها ..فكانت تعبيرا شعريا رقيقا عن موهبة الشاعر ..في تحويل حوار عادي ومقتضب بينه وبين راكبة..إلى قصيدة عامرة بالحنان والشجن والصور الشعرية الرقيقة التي تصف الجمال والدلال ببراعة.
( هذا رأي الراكبة في القصيدة الأولى ).
أما القصيدة الثانية التي عرضها عليها فكان إسمها ( التوب البنفسجي ) أو شئ من هذا القبيل.. لأن الراكبة كانت ترتدي توب من الشيفون البنفسجي المشغول بما يشبه النجوم . (والرحلة كانت ليلية).
فأتت القصيدة الثانية معبرة عن جمال التوب والحسن والليل والنجوم ..وهكذا.
وبعد أن تمعنت الراكبة في القصيدتين، قالت له أن القصيدة الأولى أجمل ..وجاءت تلقائية..وأن طريقة الحوار التي ضمنت في القصيدة ..فريدة ورقيقة. أما قصيدة التوب البنفسجي..فهي فكرة مستهلكة ..فالغناء السوداني عامر بذكر الغزل في التوب وست التوب .( هذا رأي الراكبة في القصيدة الثانية).
(هذه الرواية روتها السيدة/ عائشة إبراهيم هندوسة لبناتها قبل سنتين من وفاتها..!!) رحمها الله .
سيرتها المختصرة:
إسمها عائشة إبراهيم هندوسة. كانت آنذاك، لا زالت تعمل سكرتيرة لمحافظ (محافظة البحر الأحمر) إبان تلك السفرية التي جمعتها فيها الصدفة بالشاعر المرهف عثمان خالد.
وكانت هندوسة ناشطة في العمل الخيري بشغف ونكران ذات. وكذلك النشاط السياسي السري المعارض .ثم تعرضت لمضايقات في العمل الحكومي في بداية حكم (الإنقاذ)، فتفرغت للعمل الحر وصارت من رائدات سيدات الأعمال في بورتسودان. ولكن تم استهدافها في مشروعيها الناجحين، فتسبب لها هذا بذبحة صدرية أدت إلى وفاتها في منتصف الخميسنيات من عمرها الثر والعامر بالبذل والعطاء الأسري والمجتمعي والعمل العام .
كانت الراحلة من أجمل نساء بورتسودان، ولا يزال الناس هناك يذكرون سيرتها العطرة بكل خير . يدعون لها بالرحمة والمغفرة لما قدمته من بذل وعطاء لوطنها أولا، ومن ثم لمجتمع بورتسودان ولأسرتها الصغيرة والممتدة.
الراحلة العزيزة، يشهد مجتمعها في مدينة الثغر، بأنها كانت مثالا معبرا عن أن جمال الشكل الخارجي هو أمر ثانوي مقارنة بجمال الدواخل، والطيبة، والتفاني ونكران الذات والعمل المضني حتى السقوط موتا وهي واقفة، كانت تجسيدا للقوة الخرافية التي تتمتع بها الأمهات وربات وأرباب الأسر ..في نضالهم اليومي لينشأ أبنائهم نشأة كريمة، ونضالهم الأبدي في سبيل وطن عادل وطن يستحق العيش فيه، بحرية وكفاية وأمن وستر ..كي يبدعوا ويزدهروا وتتفتح مواهبهم.. شعرا ونثرا وغناء ورقصا وفرحا ..وبحقهم في أن يحتفوا كذلك بالجمال السوداني النبيل ).
بتقولي لا ..كلمات: عثمان خالد غناء : عبدالعزيز المبارك ألحان :الفاتح الكسلاوي
بتقولى لا ..بتقولى لا..
لقليب عليك يقطر حنان ويذوب وله..
بتقولى لا لقليب رهيف ما أظنو لالالا بيحملها..
بتقولى لا.. ياغاليه ياست القلوب يامذهلة!
وحياة شبابك ذبت في عينيك حنان ومغازلة
سافرت..فى رحلة مشاعر ملهمة ومتاملة..!
شفت الورود من وجنتيك غيرانة جات متوسلة
حتى القمر غار من صفاك.. وأصبح يردد فى الصلاة..
جاكي المساء ..يؤدي الفروض..داعب شفايفك وغازلها..
شال لون جميل من وجنتيك مسح خدوده وبللها..
وأصبح يلملم فى النجوم وينظم عقوده ويغزلها
طرز لى جيدك بالحرير أعلى العقود ..وبتقولى لا..؟
انا بيك بدغدغ فى القلوب ياحلوة أحرف وأشكلها..
أملاها رقة ودندنات وعناق حنان ومغازلة
أنا بيكي لو قلبك يحن ..عالم يجن من الوله
أسقيك حنان.. ما أظنه كان فى الدنيا أو كانت صلة..!
وأزرع هواك بين النجوم روضة حنان وأدللها..
وأحكيك لحون يا غالية لو سالت والعود غازلها..
أخلى كل الكون إقول فنان يدوب ولا…
..الصور للسيدة الراحلة عائشة في ريعان شبابها.