تواجه مناطق شرق أفريقيا احتمالا حقيقيا للغاية بتدني كبير في معدلات الأمطار للموسم الرابع على التوالي، مما يضع إثيوبيا وكينيا والصومال في حالة جفاف لم تشهدها السنوات الـ40 الماضية.
بينما يظل الملايين بحاجة إلى مساعدات، وكانت حكومة إقليم الصومال( الإثيوبي) قد حذّرت من المخاطر الإنسانية جراء موجة الجفاف. وأصدرت مطلع العام الجاري تقريرا أعلنت فيه أن نحو 3.4 ملايين شخص من سكان الإقليم، البالغ عددهم 9 ملايين، بحاجة إلى مساعدات إنسانية جراء الجفاف الذي تشهده مناطق بالإقليم الواقع شرقي إثيوبيا.
وتشير إلى مخاطر إنسانية بسبب الجفاف وعدم هطول الأمطار في موعدها المعتاد. وقال إن مناطق بالإقليم تشهد تدهورا للأمن الغذائي جراء فشل هطول أمطار العام الماضي، مما يؤدي إلى نقص الغذاء والأعلاف الحيوانية وندرة المياه.
بالمقابل ذهبت منظمات تعمل في الحقل الإنساني ان ما لا يقل عن 10 مناطق تتأثر بالجفاف وتقل القوة الشرائية للأسر الفقيرة فيها بشدة بسبب ارتفاع أسعار الغذاء وانخفاض أسعار الثروة الحيوانية، ونفوق حوالي 250 ألف رأس من الماشية التي يملكها السكان هنا.
وتظل محاولات الدعم والإغاثة ضئيلة أمام احتياجات آلاف الأسر التي فقدت كل ما تملكه من مصادر رزق تحت وطأة الجفاف، وبات مكوثها في مناطق النزوح (بالمخيمات وخارجها) الحل الوحيد لبقائها على قيد الحياة
وكشفت حكومة إقليم الصومال الإثيوبي عن أن الجفاف أثر على 614 مدرسة أغلقت 210 منها كليا، وقدّر عدد الطلاب المتضررين بأكثر من 100 ألف تلميذ. وقال إن بعض السكان بدؤوا بالنزوح من مناطق الجفاف إلى مدينة جيغجيغا، عاصمة الإقليم.
بالإضافة إلى تفاقم الأزمة الحالية بالإقليم، ظهرت هجرات للثروة الحيوانية من مناطق محيطة به في الصومال وكينيا خاصة.
هذا وسحلت أمطار العام 2022 بإثيوبيا معدلات متدنية وأقل من الطبيعية، في بلد يرتكز اقتصاده على الزراعة التي تسهم في أكثر من نصف الناتج المحلي الإجمالي وبنسبة 60% من الصادرات وفيها 80% من معدل إجمالي العمالة في البلاد.
وهو مايجعل شبح مجاعة على مناطق بدول شرق أفريقيا يسيطر عليها، من بينها إثيوبيا وكينيا والصومال، وسط تحذيرات للهيئة الحكومية للتنمية بدول شرق أفريقيا “إيغاد” (IGAD) .
ووفق لخبراء المناخ يتبعون للهيئة فإن الشهر الأول من موسم 2022-2023 الزراعي الذي يمتد من مارس إلى مايو وحتى شهر أغسطس كان جافًا بشكل خاص، وإن المنطقة سجلت درجات حرارة أعلى من معدل هطول الأمطار.
وأشارت الهيئة إلى أن مناطق شرق أفريقيا تواجه احتمالا حقيقيا للغاية بتدني كبير في معدلات الأمطار للموسم الرابع على التوالي، مما يضع إثيوبيا وكينيا والصومال في حالة جفاف لم تشهدها السنوات الـ40 الماضية.
وكان قد ذكر السكرتير التنفيذي لـ”إيغاد”، ورقيني جيبيهو، “نحن لا ننظر فقط إلى 3 مواسم، بل ربما إلى 4 مواسم فاشلة متتالية.. إلى جانب عوامل الإجهاد الأخرى مثل النزاعات في كل من منطقتنا وأوروبا، وأثر كوفيد-19، وتحديات الاقتصاد الكلي، وكل هذا أدى إلى مستويات حادة من انعدام الأمن الغذائي في جميع أنحاء القرن الأفريقي”.
وتوكد تقديرات مجموعة العمل المعنية بالأمن الغذائي والتغذية -التي تشترك في رئاستها “إيغاد” ومنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة “الفاو” (FAO)- إلى أن أكثر من 29 مليون شخص يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي بجميع أنحاء منطقة شرق أفريقيا.
ويتزامن هذا مع الحرب المستمرة على أوكرانيا وتأثيراتها السلبية على الغذاء عالميا؛ إذ تُعد أوكرانيا من أكبر المنتجين العالميين للحبوب والزيوت النباتية، وهبطت صادراتها بشدة منذ اندلاع الحرب وحصار روسيا لموانئها على البحر الأسود.
فقد عاشت الصومال مجاعة بين عامي 1991 و1992 بسبب الجفاف والحرب الأهلية، ثم في يوليو2011 ضمن جفاف شديد ضرب منطقة القرن الأفريقي وأودى بحياة الآلاف في الصومال والدول المجاورة.
وتعد (إثيوبيا) أكثر مناطق شرق أفريقيا عرضة للمجاعة لأسباب متعددة ابرزها الحروب والجفاف، حيث شهدت البلاد مجاعة واسعة الانتشار بين عامي 1983 و1985، كأسوأ موجة جوع تضرب البلاد منذ قرن مخلّفة 1.2 مليون وفاة و2.5 مليون مشرد داخلي، وآلاف اللاجئين.
ومع ما تواجه القارة من مخاطر معقدة -فهي عرضة للصدمات المتكررة الجفاف والصراع والفيضانات وغزو الجراد الصحراوي وتفشي الأمراض، وكان قد خصص الاتحاد الأفريقي العام الجاري لما سماه بناء مرونة التغذية بالقارة الأفريقية وتسريع رأس المال البشري والتنمية الاجتماعية والاقتصادية.