تقرير خاص:كواليس
أصدر قائد الجيش في السودان الفريق أول عبدالفتاح البرهان قرارات في (25) أكتوبر من العام الماضي افضت لإنهاء الشراكة السياسية مع الطرف المدني قوي إعلان (الحرية والتغيير).
ليمر بعدها عام كامل وتدخل البلاد مرحلة جديدة وصفت من قبل الشعب (بالسيناريو الأسود) علي إثر مضاعفة العناء الإقتصادي والسيولة الأمنية واتساع رقعة النزاعات بأقاليم السودان المختلفة.
البرهان – الذي برر وقتها الخطوة بتصحيح المسار السياسي وإصلاح ما أفسده تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير وقادتها السياسيين، فضلاً عن إستكمال هياكل السلطة الإنتقالية.
ولكن المتتبع لإجراءات البرهان وماقام به من نتائج خلال عام سياسياً واقتصادياً نجد أن الأمور قد تراجعت عن سابقتها كثيرا.
إقتصادياً ارتفعت الأسعار بطريقة جنونية وأصبحت الحياة جحيماً لا يطاق ، خارجياً سارعت مؤسسات المجتمع الدولي بقطع علاقتها مع السودان وترتب على ذلك توقف تمويل العديد من المشروعات التي كان من المتوقع أن تري النور بعد وعود عربية لحكومة حمدوك والتي كان يعول عليها الشعب السوداني في زيادة مستوي دخل الفرد وتحسين معيشتة.
أيضا عجزت حكومة الأمر الوإقع برئاسة البرهان ووزير ماليته جبريل إبراهيم عن تمويل مشاريع الزراعة النقدية من “الفول السوداني، الزيوت، القطن، القمح” بسبب إرتفاع عجز الميزان التجاري، ولجوء الحكومة في كثير من إلأحيان لطباعة النقود مما زاد من حجم الكتلة النقدية وزيادة معدل التضخم بصورة جنونية.
مادفع الحكومة لتطبيق سياسية زيادة الجبايات من (الضرائب، الجمارك) بواقع فاق ال500٪، مع تدني مريع لمجمل الخدمات كالتعليم والصحة.
سياسياً بالطبع جرت مياه عديدة تحت الجسر أولها فشل (ألبرهان) في تكوين حكومة مدنية متوافق عليها وفشل حكومة الأمر الواقع في تنفيذ أساسيات الحياة للمواطن.
أضف لذلك إزدياد حجم العنف تجاه المتظاهرين السلميين فقد قتل حتي الآن (117) وأصيب (8) آلاف شخصاً(حسب إحصاءات غير رسمية) بإصابات متفاوتة وفق لإحصائيات وارده من إحدى منظمات المجتمع المدني.
و تسببت قرارات ٢٥ أكتوبر في تعليق عضوية السودان في الإتحاد الإفريقي والذي مايزال مجمداً تحت طائلة العقوبات حتي إشعار آخر بالرغم من محاولات الحكومة الجادة للتخلص من طوق العزلة الإقليمية والدولية عن طريق زيارات قام بها البرهان لكل من الولايات المتحدة الأمريكية، بريطانيا، كينيا، إثيوبيا ومصر .
بعد شهر واحد من قراراته قام (البرهان) بإعادة تشكيل مجلس السيادة الإنتقالي واختيار خمسة اعضاء لمجلس السيادة من (المكون العسكري) علي رأسهم قائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي).
بالإضافة لإحتفاظ قادة الحركات المسلحة بمناصبهم كوزير المالية، وزير الحكم الإتحادي، حاكم إقليم دارفور وحاكم النيل الأزرق.
وسعي البرهان – إلى إستمالة جانب رئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك بالتوقيع علي مسودة إتفاق سياسي في 21 من شهر نوفمبر الماضي ولكن سرعان ما أجهض الإتفاق بإستقالة (حمدوك) ليظل المنصب شاغراً حتي الآن.
علاوة علي ماسبق خرج قائد الجيش للرأي العام السوداني معلنا إنسحاب الجيش من العملية السياسية في مطلع يوليو الماضي وإفساح المجال للأحزاب بتكوين حكومة للتوافق الوطني والإكتفاء بمهام الأمن ومكافحة المخاطر التي تحيط بالبلاد.
لتنهال علي الساحة السياسية العديد من المبادرات بحثاً عن مخرج للأزمة التي وضعت فيها قرارات البرهان البلاد بداية من مبادرة نداء أهل السودان برئاسة الطيب الجد في أغسطس الماضي، مروراً ىمبادرة الشيخ الجعلى وإنتهاءً بمبادرة التراضي في أكتوبر الجاري برئاسة مبارك الفاضل.
هذا ولم يتوانى الشعب السوداني من معايشة ظروف الحرب فقد إتسعت رقعة النزاعات الأهلية بولايات دارفور، النيل الأزرق، غرب كردفان بسقوط مئات القتلى ومطالبة عدد من الناشطين والسياسين بمراجعة إتفاقية سلام جوبا التي لم ينفذ منها سوء (10)٪ فقط هو تنصيب قادة الحركة في مواقع دستورية (بشهادة قادة الحركات الحاملة للسلاح).
كذلك مضي إستمرار الشارع السوداني في تنظيم التظاهرات والوقفات الإحتجاجية والإضرابات كوسيلة سلمية لمواجهة مايسمونه بإنقلاب 25 أكتوبر وسعياً لإنهاء هيمنة العسكر على مفاصل الدولة بما يضمن إستعادة مسار الحكم المدني لبلد مثل السودان.
بالمقابل لعبت قرارات البرهان دوراً كبيراً في الإهتمام بملف “العدالة” بإعادة الإستئناف في العديد من الملفات والقضايا التي كانت على منضدة القضاء كقضية المفصولين من الخدمة المدنية الذين طالهم الفصل من قبل لجنة إزالة التمكين – المجمدة بقرارات سياسية دون سند قانوني أو تقديمهم للقضاء، بالإضافة المصادر أن التي تمت للمؤسسات والشركات بطريقة وضع اليد.
أيضاً إتسع نطاق المشاركة السياسية من قبل بعض الأطراف التي منعت خلال العامين الماضين في إبداء أي وجهة نظر سياسية ناهيك عن المشاركة في صناعة الفعل السياسي كالكيانات الأهلية والعشائرية.
بعد قرارات ٢٥,اكتوبر تم تعزيز دور (الجيش) عقب إنفاذ عملية إعادة الانتشار في الاراضي السودانية بمنطقة الفشقة بشرق البلاد وإعادة صلاحيات جهاز المخابرات العامة وترقيات ضباط الشرطة وتحسين أوضاع القوات النظامية.
مما سبق من أحداث وتطورات وتظاهرات ومبادرات وقرارات ينتظر الشارع بشدة خطوات جديدة تعيده لمنظومة الحكم المدني بتوافق الأحزاب السياسية على فترة إنتقالية لا تتجاوز العام تنتهي بإنتخابات تعيد العسكر لثكناتهم وتحقق الحكم المدني الذي ينشده الجميع بالإحتكام لصندوق الإنتخابات لا بالتسويات السياسية التي يرفضها الجميع.