عبد الماجد عبد الحميد يكتب: الدرديري محمد أحمد .. أبعدوه ..أم إبتعد؟!•

مما يُؤسف له في هذهمثل الظروف والتعقيدات الصعبة التي يواجهها التيار الوطني بالسودان عامة والإسلاميون السودانيون خاصة ، في مثل هذه الظروف بالغة التعقيد يترجل سياسي وقانوني ضليع في قامة الأخ الدكتور الدرديري محمد أحمد عن موقعه داخل كابينة القيادة في حزب المؤتمر الوطني من جهة والحركة الإسلامية السودانية من جهة أخري.• إنه لأمرٌ مؤسف وموجع أن يترك الدرديري ثغرته في هذه الظروف ويترك فراغاً عريضاً لن يجد التيار الوطني والإسلامي من يسده بعلم وتجربة ودربة الدكتور الدرديري الذي يُعد من القلائل الذين تتوفر لهم الخبرات والتجارب والعلم والمعرفة لحل طلاسم الموقف السوداني الراهن وما يكتنفه من غموض ومؤامرات لايعرف أدقّ أسرارها وسبل وخطط مواجهتها إلا أمثال الدرديري محمد أحمد وهو مايجعلني وكثيرين ممن يعرفون القيمة النوعية للدرديري في محل ذهول لخبر مغادرته رئاسة القطاع السياسي داخل بيت الإسلاميين وحزمه لحقائبه في رحلة خارج البلاد قد تطول.• لايعرف الكثيرون طبيعة الأدوار الكبيرة والمؤثرة التي ظلّ يلعبها وينْظُمها السفير الدرديري منذ سقوط الإنقاذ وانهيار بيت المؤتمر الوطني بتدبير الخيانة الآثمة .. بهدوئه العجيب ..وصبره المصابر عكف الدرديري محمد أحمد علي نسج ثقوب ثوب الإسلاميين وعمل علي ترقيع مايمكن ترقيعه وإنقاذ مايمكن إنقاذه حتي عبرت سفينة إخوانه مرحلة الخطر ومواقع الشعب المرجانية إلي ساحلٍ آمن مكنها من النهوض من تحت الركام والتقاط أنفاسها والعودة بعزم ويقين الرساليين إلي ساحة الفعل والتأثير السياسي الذي أعاد الإسلاميين إلي واجهة الأحداث وحمل مشعل الدفاع عن بيضة الإسلام وحياض الوطن الذي لاتزال تتهدده أنواء المؤامرات وعواصف التدمير والتفكيك التي تقف وراءها قوي دولية شريرة لايعرف معادلة كيمياء التعامل معها إلا قليلون يقف الدرديري محمد أحمد علي رأس قائمتهم الصادقة.• ليس سراً ..فقد وقف الدرديري محمد أحمد علي أدق تفاصيل نسج التحالفات السياسية والاثنية التي تلت سقوط الإنقاذ حتي بلغت مرحلة البناء التنظيمي والسياسي الذي نعايشه اليوم في نداء السودان وقبله التجمعات التي أعادت الطرق الصوفية وبطون القبائل إلي حوش التأثير الفاعل في المشهد السياسي وهو ما أحدث التوازن الذي نعايشه اليوم اليوم حيث أثبت التحالف الذي وقف وراءه الدرديري محمد أحمد وآخرون أنه يستحيل علي القوي العلمانية والإباحية وسقط المتاع من صعاليك زمن القبح السياسي أن يختطفوا إرادة أهل السودان ويجيروها لصالح مشروع إلحادي لئيم.• بذل الدرديري محمد أحمد كل هذا الجهد في صمتٍ نبيل ..واحتسابٍ جميل .. لم يتخلف عن موعد ولم يتأخر عن نداء حتي سقط أكثر من مرة بعد أن هدّ التعب جسده النحيل وأكل المرض بعضاً من أعضاء جسمه المنهك.• كان من قدر الدرديري محمد أحمد أن يكون داخل مركز صناعة القرار والفعل اليومي في البيت الإسلامي منذ عقود أفني فيها زهرة شبابه ونضارة أيامه في خدمة رسالته التي أعطاها روح صدقه ومِشاش عظمه.• وكان من قدر الدرديري أن يكون في وجه العاصفة التي تلت سقوط الإنقاذ حيث خبِر خفايا وتفاصيل السقوط الكبير وماتلاه من تقاطعات وتباينات لاتزال إرتدادتها تفعل فعلها وتعمل عملها في أرض البناء السياسي والفكري للإسلاميين.• جمعتني عدة لقاءات مع الأخ الدرديري بعد سقوط الإنقاذ ..فوجئت حقاً بكنوز الحكمة والتؤدة وبعد النظر الذي أُوتيه الدكتور الدرديري محمد أحمد .. تلقيت منه نصيحة الأخ الأكبر الذي عركته التجارب وجمّرته معارك وصولات وخيبات السياسة.• طلب مني أكثر من مرة ترك توجيه سهام النقد للطريقة الثنائية في إدارة شأن الإسلاميين التنظيمي بعد زوال عهد الإنقاذ .. وفقهه في هذا أننا يجب أن نوفر وقود المعركة للعدو الخارجي الذي يستهدفنا وبعد الفراغ من منازلته نعود لجلد الذات ومناقشة خطايانا بصراحة ووضوح .. ومما قاله لي في هذا الصدد أن تجربته في معايشة خلافات الإسلاميين تعادل عمرك يا عبدالماجد ..أو كما قال !! ..وأن ما كتبه من نقد ذاتي وأراء حول ضرورة الإصلاح الداخلي ومواجهة غول الفساد الشامل يفوق كل ما كتبه عبدالماجد وجيله منذ تفرغهم للعمل الصحفي والإعلامي!!.• كانت تلك قبسات من ضياء جلساتنا العاصفة مع الأخ السفير الدرديري .. جلسات لم يفقد فيها اتزانه الداخلي ولا أناقته في الرد والتعقيب وهي أناقة تفوق حرصه غير المتكلّف علي مظهره وسمته الأنيق في صيف وشتاء العمل السياسي والتنظيمي.• إنني في غاية الحزن لمغادرة الدرديري لموقعه.. وإنني علي يقين لايخالطه شك أن الرجل أخلي ثغرته بعد أن أيقن بصعوبة تجاوز العراقيل الداخلية وتباين الرؤي داخل البيت الإسلامي وبنائه التنظيمي في الوقت الراهن وهو بناء طارد وغير مشجع للاستمرار ودون قواعد الإسلاميين الأسباب غير المعلنة التي دفعت المهندس إبراهيم محمود للسفر بغرض العلاج وتأجيل وتأخير أمر عودته حتي الآن ..وهي ذاتها الأسباب والعراقيل التي دفعت وتدفع البروفيسور إبراهيم غندور إلي العمل بنصف طاقته الذهنية والنفسية حتي بدا زاهداً في مباشرة مهامه التنظيمية بذات الهمة والجسارة التي نعرفها عنه.. وهي ذات الأسباب والعراقيل التي دفعت وتدفع عدداً من الوجوه القيادية الفاعلة في أوساط الإسلاميين إلي مغادرة بيئة العمل الإسلامي والتركيز علي همومهم الخاصة في أمر الحياة والمعاش داخل السودان وخارجه.• إنني حزينٌ حد الوجع لخبر مغادرة الأخ السفير الدرديري وتركه ساحة العمل السياسي والوطني في ظل هذه الظروف العصيبة.• إنها رسالة لقواعد الإسلاميين بطول السودان وعرضه ..أدركوا حالة التجريف المتعمّد لبيتكم الداخلي فليست كل المصائب التي تحيط بنا من خارج السور !!.• حفظ الله الأخ الدرديري محمد أحمد فهو مثل الغيث .. أينما وقع ، نفع ..• ولا حول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *