عمر بن عبد العزيز الخليفة الخامس كان حكماً عدلاً، انتشرت وتوسعت الدولة في عهده وغطّت كل بقاع الدنيا بانتشار العدل والأمانة والحاكم القدوة، وفي عهده فاضت الزكاة، حيث كان يتجوّل المنادي في الشوارع وهو ينادي من يريد الزواج زوّجناه، ومن يريد أن يبني بيتاً بنيناه له، ومن عليه دَيْنٌ قضيناه له، من يريد حجاً أو عمرة أخذناه. كان هذا المنادي ينادي ليس في عصرنا هذا ولا في عصر النهضة الأوروبية الغربية، ولا في عهد الدولة العثمانية، بل لم تُقال في عصر البترول والنهضة الصناعية، ولا في زمن النمور الآسيوية، وكانت في عهد الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز خليفة المسلمين، وهو من أمر بذلك، حيث جيء إليه بأموال الزكاة، فقال أنفقوها على الفقراء والمساكين، فقالوا لم يعد في أمة الإسلام فقراء، قال لهم جهِّزوا بها الجيوش، قالوا جيوش الإسلام تجوب الدنيا وتفتح الأمصار وتوسِّع في دولة الإسلام، قال لهم زوِّجوا بها الشباب، قالوا من كان يريد الزواج زوّجناه، ومازال المال موجوداً، قال لهم أقضوا الدَّيْنَ عن المُدينين، فقالوا قمنا بذلك ومال زال المال وفيراً، قال انظروا إلى النصارى واليهود ومن كان عليه دَيْنٌ أقضوه عنه، قالوا فعلنا وبقي مالٌ، قال لهم أعطوا أهل العلم ودارسيه، قال فعلنا ذلك وبقي مالٌ، فقال اشتروا قمحاً وانثروه على رؤوس الجبال حتى لا يُقال جاع الطير في أرض المسلمين.أيُّها السادة، أمّة الإسلام كانت أمّة عظيمة يطلب فضلها ويخشى بأسها كل العالم، وكانت أوروبا تعيش في كنفها اقتصاداً ومالاً وعلماً وطباً وهندسةً، ولكننا اليوم في هوان ليس بعده هوان، حتى طمع فينا كل غشيم، بل صرنا نقتل بعضنا لأتفه الأسباب، يسمسر فينا بالفتن كل من هبّ ودبّ، وتشظّينا إلى دويلات تتآمر على بعضها البعض، وتدس الدسائس بأمر الغُرباء وأموالنا في بنوك الغربيين وشعوبنا يموتون بالجوع.نسأل الله تعالى أن يبعث في هذه الأمة رجلاً عظيماً عظمة ابن عبد العزيز لتنهض مرةً أخرى وتصحو من نومها هذا أو تنويمها