وكالات : كواليس
بعد 72 سنة على انطلاق المونديال، نُظّمت أوّل نهائيات خارج أوروبا أو أميركا الجنوبية، في قارة آسيا عام 2002، وكانت مشتركة للمرة الأولى بين بلدين: كوريا الجنوبية واليابان. حصدت البرازيل لقباً خامساً قياسياً في قارة جديدة، بقيادة “الظاهرة” رونالدو بعد شفائه من إصابة تعجيزية طارداً كوابيس 1998، وذلك في نسخة لطّختها أخطاء تحكيمية مخزية.
كان الاتحاد الدولي “فيفا” يفضّل استضافة صينية، لكن مخاوف حيال حقوق الانسان واللوجستيات أوصلت البطولة الى اليابان وكوريا الجنوبية.
خيّم على البطولة مخاوف أمنية بعد هجمات 11 سبتمبر 2001 على نيويورك وواشنطن، فنُشرت بطاريات صواريخ مضادة للطائرات حول الملاعب الجديدة اللامعة.
وبالرغم من قلّة خبرة المنظمين، حواجز اللغة والعدد الكبير للملاعب المضيفة (10 في كل بلد)، حصدت البطولة نجاحاً واجتاحت الجماهير الكورية الطرقات والساحات لمشاهدة منتخبها يبلغ نصف النهائي.
لم تحصل صدامات أمنية، بل كروية داخل المستطيل الأخضر، فتمثلت خمس قارات في ربع النهائي، وبلغ زائران غير متوقعين المربع الأخير: تركيا وكوريا الجنوبية.
لم يسبق لحامل اللقب أن تقهقر بهذا الشكل. عاشت فرنسا حاملة اللقب وبطلة أوروبا 2000، مشواراً صادماً. تعادلٌ وخسارتان ورصيد خال من الأهداف، رغم امتلاكها هدافي الدوري الإنجلي تييري هنري، والدوري الإيطالي دافيد تريزيغيه والفرنسي جبريل سيسيه.
وفي غياب نجم 1998 المصاب زين الدين زيدان عن أوّل مباراتين، سقطت فرنسا افتتاحاً أمام الوافدة الجديدة السنغال بهدف دون رد.
وعن ذلك قال المهاجم الحاجي ضيوف: عند سحب القرعة كنت مع زملائي في نادي لنس الفرنسي. بعد الوقوع مع فرنسا بدأوا يسخرون مني، نظراً للفارق الكبير في مستوى المنتخبين، لكن كنا وحدة أصدقاء متماسكين وصلبين دون نجوم كبار، توّاقين لصناعة التاريخ ومنح السعادة لأبناء بلدنا، وقلنا لأنفسنا مازحين: كيف يمكن للديك أن يأكل الأسد.
وعندما أشرف الهولندي غوس هيدينك مطلع 2001 على كوريا الجنوبية، كانت الأخيرة لم تحقق أي فوز في خمس مشاركات مونديالية، اختبر عدة خطط، لم يقبل بأية تسوية، أبعد بعض المخضرمين لحساب الشبان وخاض مباريات ودية كثيرة شهدت خسائر ، لكن فاز “محاربو تايغوك” على البرتغال وتصدّروا مجموعتهم، ضاربين موعداً مع إيطاليا التي كانت تضمّ أمثال أليساندرو دل بييرو، فرانشيسكو توتي، كريستيان فييري.
لكن “سكوادرا أتزورا” ذاقت مجدداً طعم الخسارة أمام كوريا، بعد سقوطها أمام الجارة الشمالية بهدف عام 1966 في مفاجأة تاريخية.
وطَرَدَ الحكم الإكوادوري بايرون مورينو توتي بشكل جدلي، فيما جنّ جنون المدرب جيوفاني تراباتوني المطالب بركلة جزاء. ألغيت فرصة هدف لداميانو تومازي بداعي التسلل، وسجّل آن جونغ-هوان هدفاّ ذهبياً في الدقيقة 117 أنهى مسيرته في نادي بيروجيا الإيطالي.
عنونت صحيفة “لا غازيتا ديلو سبورت” في اليوم التالي “لصوص”.
وفي ربع النهائي، ألغى الحكم المصري جمال الغندور هدفين إسبانيين، فبلغت كوريا نصف النهائي بركلات الترجيح، حيث رضخت لواقعية ألمانيا (0-1)، وأصبحت أوّل منتخب غير أوروبي أو أميركي جنوبي يبلغ هذا الدور.
وكانت البرازيل قاب قوسين أو أدنى من فشل التأهل للمرّة الأولى في تاريخها، غاب عنها قائدها إيمرسون لاصابته بكتفه عشية النهائيات، ولم تنفع مطالبات الجماهير للمدرب لويز فيليبي سكولاري باستدعاء روماريو.
ولم يكن يتوقع عشاق منتخب السامبا مشاركة المهاجم رونالدو الذي تعرّض لنوبة صرع في نهائي 1998، بعد إصابة رهيبة كادت تنهي مسيرته.
وبعمر الرابعة والعشرين، أجرى رونالدو جراحة معقدة بركبته في أبريل 2000 ، وقال: واجهت إصابة لم يعانِ منها أي لاعب كرة قدم في السابق. كانت فترة التعافي الأصعب في حياتي. لم يكن بمقدوري ثني ركبتي، لم أكن متأكداً من وجود حلّ طبي لمشكلتي. نصحني أخصائيون بالاعتزال، وقال لي أحدهم إني قد لا أمشي مجدداً. شكّلت عودتي معجزة.
وفي مارس 2002 استدعاه “فيل الكبير” لودية يوغوسلافيا، وقال الظاهرة: كان أوّل ظهور لي مع البرازيل في نحو ثلاث سنوات، لكنه كان كافياً لضمان موقعي في كأس العالم.
سلكت البرازيل بسهولة إلى ربع النهائي، حيث ساهم الموهوب رونالدينيو بهدف من أربعين متراً ضد إنجلترا (2-1) وبعد سبع دقائق نال بطاقة حمراء مباشرة أبعدته عن نصف النهائي.
وبعد تخطي تركيا بهدف، وقعت البرازيل للمرّة الأولى مع القوّة الكروية الكبرى ألمانيا المفتقدة نجمها الموقوف ميكايل بالاك، فتذكّر رونالدو سيناريو مأساة نهائي فرنسا: قبل النهائي لم أكن أرغب في النوم بعد الغداء لخوفي من تكرار ما حدث قبل أربع سنوات. الجميع كان نائماً باستثناء الحارس البديل ديدا فتحدّثت معه لنحو ساعة. كان لطيفاً وحفّزني.
تمالك “إل فينومينو” نفسه دون أن يرتاح ثم سجّل هدفين (2-0) في مرمى أفضل لاعب في البطولة الحارس أوليفر كان محرزاً لقب الهداف (8) .
شاركت تركيا بعد غياب منذ 1954 متأهلة عبر الملحق، وشقّت مساراً مفاجئاً نحو نصف النهائي حيث خسرت مرة ثانية ضد البرازيل. وفي مباراة تحديد المركز الثالث ضد كوريا الجنوبية (3-2)، سجل مهاجمها هاكان شوكور أسرع هدف في تاريخ كأس العالم بعد 11 ثانية.
وبعد إنجاز الكاميرون في 1990، دخلت السنغال إلى المعادلة الإفريقية ببلوغها الدور عينه (ربع النهائي). بقيادة المدرّب الفرنسي برونو ميتسو، صدمت فرنسا افتتاحاً (1-0) وخرجت بالهدف الذهبي أمام تركيا (1-0).