الدكتور حسن عبد الله الترابي ولد في مدينة كسلا شرق السودان في فبراير 1932م، من أسرة متدينة وميسورة الحال، وهو من قبيلة البديرية، والده كان قاضياً وشيخ طريقة صوفية.
درس الترابي الحقوق في جامعة الخرطوم منذ عام 1951م إلى 1955م، حصل على الماجستير من جامعة أكسفورد عام 1957م، ونال الدكتوراه من جامعة السوربون في فرنسا باريس عام 1964م، وهو مفكر وزعيم ديني وسياسي، وهو رائد مدرسة تجديد ديني وسياسي، عُيِّن عميداً لكلية الحقوق جامعة الخرطوم واستاذاً بها.
عُيِّن وزير عدل ونائباً عاماً في عام 1979م ووزيراً للخارجية عام 1988م، وكذلك اُنتخب رئيساً للمجلس الوطني.
صار أميناً عاماً لجبهة الميثاق الإسلامية عام 1964م، وهي حزب يقوم على فكر الإخوان المسلمين، وهي حزب نافس الأمة والاتحادي الديمقراطي والحزب الشيوعي ووصلت إلى الحزب الثالث في البرلمان في عام 1986م.
بعد الانتفاضة، شارك وقاد الدكتور الترابي ثورة أكتوبر 1964. قاد الترابي المعارضة مع آخرين ضد النميري، وأسس الجبهة الوطنية التي ضمت حزب الأمة وجبهة الميثاق الإسلامية والحزب الوطني الاتحادي، بل قاومت النميري في الجزيرة أبا مع الإمام الشهيد الهادي المهدي. حيث كان حاضراً كل من مهدي إبراهيم ومحمد صالح عمر.
اُعتقل الترابي في فترة مايو تحت حكم النميري سبع سنوات، وصالح النظام في عام 1977م وصار نائباً عاماً.
الدكتور الترابي مثقف وعالم ومجدد وقانوني ضليع يجيد أربع لغات وهي قائد لمدرسة التجديد الإسلامي، بل كان الترابي أحد ابرز القادة الإسلاميين في العالم، وكان عراب ثورة الإنقاذ في عام 1989م، وأسس في عام 1991م المؤتمر العربي الإسلامي الشعبي الذي ضم ممثلين لخمسة وأربعين دولة وانتخب أميناً عاماً لهذا المؤتمر. وقف الترابي ضد التدخل الأجنبي بحجة تحرير الكويت إبان غزو العراق للكويت 1990م.
صار رئيساً للمجلس الوطني
الذي حل من قِبل الرئيس البشير في عام 1999م. وحدثت المفاصلة بين البشير والدكتور الترابي، واسس الدكتور حزب المؤتمر الشعبي وانتخب أميناً عاماً له وصار معارضاً لنظام البشير، واُعتقل في عام في عام 2001م بعد توقيع مذكرة التفاهم مع الحركة الشعبية، وكذلك اُعتقل في عام 2004م.
يعتبر الدكتور الترابي من أشهر القادة الإسلاميين في العالم ومن أشهر المجتهدين على صعيد الفكر والفقه الإسلامي المعاصرين، وألف في ذلك عدداً من الكتب.
ويعتبر الترابي من النجباء والأذكياء في العالم العربي والإسلامي المعاصر، حيث دخل الجامعة بشهادة بنسبة 98%.
الدكتور الترابي عالم متمكن ومتميز لا يشق له غبار، وظل يقود العمل السياسي في السودان من داخله حاكماً ومعارضاً يدخل السجن ويخرج، ولكن لم يهاجر ليعارض من خارج السودان، وهو رجل من افحل وأشجع قادة العمل السياسي في السودان.
الترابي كان رجلا واسع المعرفة، وله علاقات مع أغلب اهل السودان، ويعرف اغلب قيادات السودان الدينية والأهلية والسياسية، وهو رجل شعبي سهل التعامل معه، وله صداقات كثيرة داخل وخارج السودان.
الترابي اهل أعضاء حزبه تأهيلاً عالياً، واكتسبوا علماً وخبرة ورأياً وفكراً.
الترابي شخص تتفق معه أو تختلف معه ولكنك تحترمه لأنه رجل صاحب مبادئ ومقاتل شرس وقائد فذ.
أيضاً الترابي رجل اجتماعي معروف ورجل عام وشامل، وهو معارض قوي الشكيمة، وحاكم قوي المراس، وخبير قانوني ضليع، ومفكر وعالم ألمعي ومجدد للفكر الإسلامي، ورجل واسع الانتشار والمعرفة.
الترابي رجل وفيٌّ لأصحابه، أنا تعرفت عليه عن قرب في آخر أيامه، حيث كان يزورني كثيراً مع الأخ كمال عمر، وهو رجل قليل الأكل ويحب النقاش في القضايا العامة، والإقناع ويحب الرجال الأقوياء.
كان الدكتور الترابي رجل أمة أسهم في كل ضروب الحياة في السودان وكذلك في عالمنا العربي والإسلامي، بل له أثر كبير على الفكر والعلم والمعرفة في العالم.
الترابي شخصية فذة تختلف أو تتفق معه، ولكن يحترمه كل منصف.
صاهر الترابي، آل المهدي وأنجب البنين والبنات.
توفي الدكتور الترابي في الخامس من مارس 2016م
عن عمر ناهز 84 عاماً.
ألا رحم الله الدكتور حسن عبد الله الترابي رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته.