وكالات : كواليس
أزمة المناخ العالمية ستؤدي إلى كوارث اقتصادية وبشرية لا توصف وسيتعذر علاجها إذا استمر تجاهلها.
رسم مقال بصحيفة غارديان (The Guardian) البريطانية صورة قاتمة لمستقبل العالم، وذلك في ظل “أخطر التهديدات” المحدقة به.
وذكر نورييل روبيني أستاذ الاقتصاد في كلية “ستيرن” للأعمال بجامعة نيويورك -في مقاله- أن الحياة كما نعرفها في خطر، حيث يتجاهل السياسيون ذوو التفكير قصير المدى المؤشرات التي تنبئ بمستقبل بائس.
وأوضح أن العالم سيواجه، العقود المقبلة، تهديدات كبرى من شأنها أن تعرض للخطر ليس اقتصادنا العالمي وأصولنا المالية فحسب، بل السلام والازدهار كذلك.
وقال “نحن ميالون إلى التخطيط قصير الأجل، ونترك التفسير للمستقبل” مضيفا أن التهديدات المقصودة شيء آخر “فإذ تُركت لتتفاقم، فإنها ستجعل حياة الناس في جميع أنحاء العالم أسوأ” مما هي عليه.
ولعل من الضروري للمصلحة العامة، وفقا للكاتب، ألا يغفل القادة هذه التهديدات، بل الإقرار بوجودها وأخذها على محمل الجد وبسرعة.
ويوضح الكاتب أكثر فيقول: إن بعض تلك التهديدات الكبرى ذات الطابع اقتصادي تتمثل في شبح التضخم والركود في نفس الوقت و”أم أزمات الديون” حيث بلغت نسب الدين العام والخاص مستويات عالية قياسية، وشيخوخة السكان التي ستؤدي إلى إفلاس أنظمة المعاشات التقاعدية والرعاية الصحية، وذلك على سبيل المثال لا الحصر.
ويمضي المقال في تفصيل تكهنات الكاتب لما ستبدو عليه الأزمة الاقتصادية هذه المرة. وبهذا الصدد، يرى أن الركود العالمي سيكون شديدا -وليس قصير المدى أو هامشيا- حيث يؤدي ارتفاع معدلات الديون وأسعار الفائدة إلى زيادة حادة في مشاكل خدمة الديون.
وسيحدث -وفق الكاتب- تخلف في سداد أقساط الرهن العقاري فيما يتعلق بالمنازل، ونقص في السيولة لدى الشركات والمؤسسات المالية والحكومات والبلدان، حيث تضطر البنوك المركزية إلى زيادة أسعار الفائدة وليس خفضها، كما رأينا في العقود الأخيرة، لمحاربة التضخم.
وسيبدأ تقييم الاقتصادات المتقدمة على غرار الأسواق الناشئة بعد تطبيق سياسات اقتصادية ومالية “كارثية” على نحو ما اتبعته حكومة رئيسة الوزراء البريطانية ليزا تراس قصيرة العمر.
كما ستنفجر فقاعات الأسهم الخاصة والعقارات ورأس المال الاستثماري والعملات المشفرة، بعد أن انتهى عصر الأموال الرخيصة دائما، وفقا للكاتب.
التهديدات الجيوسياسية
أما التهديدات الجيوسياسية الكبرى لنمط الحياة -بحسب مقال غارديان- فهي أن التفاوت الحاد في الدخل والثروة هو أحد الأسباب التي أدت لردود الأفعال العالمية العنيفة ضد الديمقراطية الليبرالية، وصعود الأحزاب الراديكالية الاستبدادية من اليمين واليسار المتطرفين.
وقد زاد الصراع في أوكرانيا من خطر تجدد الحرب الباردة بين الغرب وقوى مثل الصين أو روسيا أو كوريا الشمالية. وبلغت التوترات المتصاعدة بين الولايات المتحدة والصين بشأن تايوان ذروتها الأشهر الأخيرة، ويمكن أن تتصاعد أكثر. وربما يؤدي الخطر المستمر الناجم عن الصراع بين إيران وإسرائيل إلى زعزعة الاستقرار العالمي، وفق المقال.
ليس ذلك فحسب، فمن بين التهديدات الأكثر خطورة وإلحاحا -على حد وصف كاتب المقال- أزمة المناخ العالمية “التي ستؤدي إلى كوارث اقتصادية وبشرية لا توصف وسيتعذر علاجها إذا استمر تجاهلها”.
ويعتقد الكاتب أن هذه ليست سوى بعض العلامات المشؤومة الحالية لمخاطر ضخمة أسوأ وأشد خطورة العقد المقبل.
غير أن الكاتب وهو أستاذ اقتصاد يبدي -رغم كل ما أورده في مقاله- قدرا من التفاؤل، حيث يقول إن هناك مستقبلا آخر “أقل بؤسا” يتعاون فيه السياسيون المحليون والدوليون على سياسات وحلول سديدة لضمان استمرار نصف قرن من السلام والازدهار “مهما كثرت المطبات”.