كنا نتجول كعائلة في لندن خلال العطلات الأسبوعية، وكانت تلك الجولات فرصة ذهبية لعيالي لتعاطي الوجبات السريعة خاصة البيرغر، وغريب أمر الناس في الشرق بصفة عامة، فلو افتتحت محلا يبيع سندويتشات الكفتة لما عثرت على زبائن، بينما البيرغر في الأصل هو الكفتة، ولكن الخواجات ضربوها على أم رأسها وجعلوها مفلطحة وأتوا بها الينا فأصبحنا نعتبر أكلها نوعا من الرقي، بل ان محلات ماكدونالدس خرجت على المصريين بسندويتش ماك-طعمية، فتكالبوا عليه رغم ان الطعمية على قفا من يشيل في كل شبر في مصر
كنت حريصا على عدم الذهاب بأسرتي الى منطقتي وست اند وبيكاديلي في لندن لا ليلا لا نهارا، لأنهما مركزا القيادة القومية للرذيلة في بريطانيا، وأذكر انني التقيت خلال زيارتي الأولى للندن بثلاثة من طلاب كلية الطب في جامعة الخرطوم قدموا الى بريطانيا في اطار برنامج التبادل الطلابي، وأعربوا عن رغبتهم في مشاهدة فيلم “الرسالة” للمخرج السوري – الأمريكي مصطفى العقاد، فأبلغتهم أنه معروض في سينما أوديون في منطقة بيكاديلي، والتقيت بهم في اليوم التالي فقالوا لي “عملتها فينا”، فقد ذهبوا الى هناك وفوجئوا بارتفاع قيمة التذكرة ودخلوا…. ثم وجدوا المكان مقسما الى غرف صغيرة جدا ويتحرك هنا وهناك أناس شبه عراة، وتمكنوا من التسلل خارجين خجلين، وما حدث هو انهم رأوا لافتة تقول massage وحسبوه محل عرض فيلم The message بينما الكلمة التي تعني مساج تبدأ ma بينما التي تعني الرسالة تبدأ me، ولهذا قالت الشاعرة المبدعة وئام كمال الدين إن “نقطة بتفرِق”: تزرع وسط (الزحمة) (الرحمة)/ وتقلب (حِن) العاشق (جن)/ وتبني بدال ( البيت) (البين)/ وتحول (طن) الريد لي (ظن)/ وأصلو (الفاضي ) بيعمل (قاضي)/ يخلي هزارك يصل (الحد) ويقلب (جد)/ يرمي (الحب) في أعمق (جب)/ يمد (للراد) (الزاد) من سم/ ويسقي (الجوف) (الخوف) بالدن
وقبل سنوات كنت والمدام في هامبورج في ألمانيا، وتجولنا حول المدينة في باخرة صغيرة في ذات بحيرة، وفي ذات منعطف وبدون مقدمات وجدت نفسي أمسك بام الجعافر من رقبتها وأدفع رأسها الى أسفل، فصاحت مرعوبة: سجمي مالك علي؟ قلت لها: هس، وما ترفعي راسك، ومن باب التحدي رفعت رأسها ونظرت الي ثم أدارت رأسها يمنة ويسرة ثم صاحت: سجمي ووب علي!! وخفضت رأسها حتى لامس ركبتها، فقد رأت على شاطئ البحيرة فترينات فيها بنات ميطي، وظلت على تلك الوضعية حتى رست الباخرة على البر، وبعدها رفضت أي جولة بعيدا عن محيط الفندق، وبذلك لم تجد الفرصة للتسوق وطلعت انا الكسبان
كنا عائدين من هامبورج الى الدوحة على متن طائرة تابعة للخطوط الجوية الهولندية KLM وجاءتنا المضيفة بصينية عليها مشروبات فمدت ام الجعافر يدها لتناول كوب ماء منها، فقلت لها: البتاع ال بيشبه المويه دا غالبا نبيذ أبيض، وسألت المضيفة عنه فأكدت انه نبيذ، فجلست ام الجعافر تطنطن: الله لا كسبكم، واضربت عن الطعام والشراب حتى وصلنا الدوحة، حيث قالت لي: أوع تجيب سيرة ما حصل في هامبورج او في الطيارة لي زول (وكتمت الأمر، حتى تأثرت بمني أركو مناوي في الفترة الأخيرة)