المتابع لمجريات الأحداث وسير معركة الكرامة يجد أن القوات المسلحة السودانية إمتلكت زمام المبادرة وأصبحت المتحكم والمبادر في كل ميادين المعركة، خصوصا خلال الأشهر القليلة الماضية التي أعقبت سقوط مدينة سنجة..
شهدت الفترة الماضية إبادة جماعية للمليشيا المتمردة تمثلت في مقتل مايزيد عن الخمسة آلاف مرتزق منهم أكثر من 175 قائد ميداني أغلبهم على تخوم مدينة الفاشر التي سطر فيها أبطال الفرقة السادسة مشاة والقوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح ملاحم بطولية سيحفظها التاريخ.. أبادوا فيها معظم مرتزقة عرب الشتات الذين قادوا موجات هجوم مستمر على فاشر السلطان ولقنوهم دروساً لن ينسوها بل وقتلوا قائد المرتزقة الهالك على يعقوب ..
الإغتيال المستمر لقيادات المليشيا لم يأتي من فراغ ولم يكن وليد الصدفة بل وفق خطط محكمة وضعتها الإستخبارات العسكرية بتتبع القيادات ورصدهم ومن ثم اغتيالهم بعمليات نوعية فقدت فيها المليشيا قادتها في سنجة (البيشي) وفي شرق النيل والمصفاة (حجير) وفي بحري والأبيض، ولم يتبق في الخرطوم ومدنى وسنار قائد للمليشيا سوى كيكل والذي يجري رصد تحركاته تمهيدا لإرساله للسماء ذات البروج..
مرد ذلك للتكتيك المحكم الذي ظلت تعمل به القوات المسلحة ولخطة الإستنزاف وسياسة النفس الطويل التي ينتهجها الجيش، بالإضافة لحصول الجيش على أسلحة نوعية جديدة أحدثت وستحدث تحولاً كبيراً في ميادين المعركة وأسهمت في تدمير قدراتش المليشيا وإدخال الرعب في جنودها وقياداتها التي ماسمعت بمفاوضات إلا ولهثت خلفها لحماية ماتبقي من فلولها ومرتزقتها من الموت الزؤآم..
كلمة السر في الإنتصارات الأخيرة للقوات المسلحة وشلها لقدرات المليشيا كانت لسلاح الجو الذي قاد أبطاله مئات الطلعات الجوية الناجحة التي استهدف خلالها تمركزات المليشيا وخطوط امدادها ومخازن أسلحتها بالإضافة لإفشال العديد من هجماتها على المدن..
قراءة الأحداث تؤكد أن الجيش سيتحرك قريبا في كل المحاور للإجهاز والقضاء على ماتبقى من مرتزقة عرب الشتات خاصة وأن المليشيا الآن في أضعف حالاتها بعد القضاء على القوة الصلبة ولم يتبق سوى (الشفشافة) والمستنفرين وبأعداد لا تذكر..
تدمير سقالة جسر جبل اولياء بالأمس يعني عملياً قطع عملية إمداد المليشيا بالسلاح والجنود من الغرب ومنع خروج المنهوبات من الخرطوم والجزيرة لدارفور وهي خطوة لها مابعدها.. ولكن مالم يستعجل الجيش التحرك ميدانياً عبر المشاة في الوسط: (الخرطوم، الجزيرة، سنار، النيل الأبيض) فإن المعركة ستطول خاصة وأن المليشيا ستلتقط أنفاسها لإستنفار المزيد من مرتزقة عرب الشتات من غرب إفريقيا وإدخال الأسلحة تحت غطاء الإغاثة وبالتالي ستؤخر تحرير ولايات الجزيرة والخرطوم التي أصبح تواجد المليشيا فيها محدوداً.
نعلم خطورة الحرب وصعوبة حرب المدن والدعم الإماراتي والغربي الكبير للمليشيا بكشف ورصد مواقع القوات المسلحة وتحركاتها وتمليك هذه المعلومات للمليشيا ولكن التحرك الميداني العاجل للجيش سيعجل بالنصر وإبادة ماتبقى من عرب الشتات الذين قامت الحرب من أجل توطينهم بالسودان ولكن عجلت القوات المسلحة ومن خلفها قوات جهاز المخابرات العامة والمستنفرين عجلوا برحيلهم وجعلوا أرض السودان قبوراً للمليشيا ومرتزقتها..
يمكن القول بأن المليشيا ينتظرها إحتياح كامل وبل شامل لم ولن ينجو منه مرتزق..