للإجابة على هذا السؤال المهم والذي ترتبط إجابته بمصالح المواطنين ومستقبل بلادنا سأحاول أن أكون مختصرا ، وموضوعيا أنظر الي الأمور من جميع جوانبها …
- [ ] أولا. لابد من التأكيد على أن العمليات العسكرية التي تجري على الأرض بما فيها من تضحيات جسام وخسائر كبيرة ، تشكل جزءا صغيرا من الحرب في صورتها الكبيرة ، فهناك إستراتيجيات ومصالح وحملات ( وبزنس ) كانت وراء إشعال الحرب ، والذين أشعلوها لن يتركوا فرصة واحدة لإنهائها ، وهي حرب مصممة لتكون طويلة المدي تستنزف مقدرات الدولة السودانية وتعطل قدرتها على أن تكون فاعلة وذات تأثير في محيطها القريب والبعيد ، ولعلنا نتذكر تصريح مديرة المخابرات الوطنية الأمريكية بعد ثلاثة أسابيع من الحرب قولها ( أن الصراع بين الجيش السوداني والدعم السريع سيطول على الأرجح ) ..
- [ ] ثانيا لابد ان نعرف أن الحرب التي تجري في بلادنا ليست بمعزل عما جري ويجري في ليبيا ، سوريا واليمن ، والتي إستمرت فيها الحرب لأكثر من عشر سنوات ، وهي حرب قائمة على ( إشغال ) هذه الدول بنفسها ، ولكن ضمن تخطيط يسيطر على الحرب بحيث لا تمتد إلي خارج حدود تلك البلدان وتؤدي إلي تهديد الأمن القومي لمن خططوا لهذه الحروب من الأقربين والأبعدين ..
- [ ] لا أمل من تذكير المتابعين بمحاضرة آڤي ديختر وزير الأمن الإسرائيلي الأسبق ، إذ تشكل الأرضية الثابتة لسياسة القوي الدولية الكبري المهتمة بالسودان ( أمريكا ، بريطانيا ، فرنسا وألمانيا ) وهذه بعض من مقتطفات تلك المحاضرة :
- [ ] – لا يجب أن يسمح لهذا البلد بأن يُصبح قوةً مضافةً إلى قوة العرب.
- [ ] – لا بدَّ من العمل على إضعافه وانتزاع المبادرة منه لمنع بناء دولة قوية موحدة فيه.
- [ ] – سودان ضعيف ومجزأ وهشّ أفضل من سودان قوي وموحّد وفاعل.
- [ ] – ما سبق يمثّل من المنظور الاستراتيجي ضرورة من ضرورات الأمن القومي الإسرائيلي…
- [ ] والحرب التي تخوضها قواتنا المسلحة الآن هي جزء من ذلك التخطيط اللئيم ، مضاف عليها رغبة الولايات المتحدة الأمريكية في المحافظة علي توازن الضعف بحيث لا تنتصر القوات المسلحة فيفتح ذلك الباب لعودة محتملة للإسلاميين ، وفي نفس الوقت لا ينتصر الدعم السريع حتي لا يساعد روسيا في الوصول للمياه الدافئة ، وللتأكيد على هذا الزعم تذكروا مسيرة مفاوضات جدة التي لم تبذل فيها أمريكا ما تستحقه من إهتمام وجهد بل وفي كل جولة تعلن إنتهائها دون تحقيق أي تقدم يذكر ، وكذلك حرصها علي فرض العقوبات علي الجيش والميليشيا معا في سياسة محيرة ، وسماحها بتعدد المنابر غير المنتجة كإيغاد ، ومنذ تعيين مبعوثها توم بريليو لم نر مجهودا حقيقيا سوي التصريحات المتكررة عن فتح مسارات العمل الإنساني ( والتصوير مع ناشطات تقدم ) ..
- [ ] وصحيح أن الحرب قد إكتسبت ( momentum ) شعبي كبير في الآونة الأخيرة ، وحققت قواتنا المسلحة إنتصارات كبيرة في محاور العمليات المختلفة ، ولكن إمداد المليشيا لم ينقطع يوما واحدا ، ولم تبذل القوي الدولية التي تذرف دموع التماسيح علي المدنيين أي مجهود يذكر لإيقاف تسليح الميلشيا رغم التقارير الدولية الموثوقة عن خرق حظر السلاح في دارفور وفي غيرها من مناطق السودان المختلفة ..
- [ ] أخيرًا لابد أن يدرك السودانيون أن حل مشاكلهم إنما يبدأ وينتهي بأيديهم وأن القوي الخارجية ليست حريصة علي إنهاء الحرب بقدر حرصها علي إستمرار التمزق السياسي والإنقسام المجتمعي ، ولذلك لابد من توحيد الإرادة الوطنية للوقوف خلف الجيش وهو يخوض هذه المعركة من أجل المحافظة علي البلد ، مع الأخذ في البال أن المفاوضات ليست فعلا منبوذا ولكن لا يجب أن تستغل لإطالة أمد الحرب أو لفرض حلول لا تنسجم مع المصالح العليا للبلاد ..
- [ ] والأمر كذلك فإني أتوقع أن يطول أمد التحرير لمدة ليست قصيرة ، والله المستعان ..