أخيراً ظفر الدكتور المحامي العالم ممدوح محمد أمين بالشهادة في سبيل الله هو يدافع عن وطنه ضد مليشيا الجنجويد الأجنبية المتمردة
ظل طوال الأشهر الخمسة الماضية يؤمن الجبهة الشمالية الشرقية من المدرعات أميراً عليها..قدم فيها نموذجاً صالحاً للفدائي البطل والجسور المهاب.. كان دوماً أقرب ما يكون إلى البطل متخذاً من القرنوف ((جيتاراً )) يعزفه دانات في وجه العدو فيسقطهم الهوان تلو الهوان فهربوا ولم يعودوا إلى الهجوم على المدرعات مرة أخرى بعد أن اكتفوا بالتدوين من شرق النيل بمدافع الدويلة التى وصلت لهم تهريباً وفي ذلك حديث يطول…
تعرفت بالشهيد عن كثب في العام ١٩٩٥ في شرق الاستوائية يوم انضم إلينا في كتيبة البراء والتى جمعت فوعت أفضل الرجال و أوفى القلوب وأشجع الأبطال وأتقاهم لله…
حينها كان طالب القانون الأبرز في دفعته ومنذ الوهلة الأولى عمد جاهداً إلى البحث عن مشروع الشهادة ما من مقدمة في الصندوق القتالي إلا وسارع إليه وما من طوف تفتيش إلا وكان الأول فيه.. قرنوف في كتفه وسبحة على صدره وابتسامة واسعة كست وجهه الوضيء يبكي ليله قائمًا لله متهجدًا له مخبتًا له عز و جل حتى إذا أسفر الصبح كان نموذجاً للجندي المنضبط..
المفاجأة التي انتبهنا لها أنه كان يتنبأ بالأحداث قبل وقوعها حيث يرى بنور الله ذاك أحد أهم الأسلحة التى تميزنا بها فزادتنا قوة وثقة وصلابة ويقيناً أننا على الحق مددًا من الله وقوة من قوته وما يعلم جنود ربك إلا هو …
من هنا كان السؤال العفوي كل صباح ((أها شيخ ممدوح شاف شنو))؟؟؟!!!
ذهبت إليه وهو في خلوته المجيدة يدعو الله فسألته عن سر ذلك وبعد إلحاح شديد وعهد قطعته على نفسي ألا أخبر به أحداً ما دام هو في هذه الفانية حينها استودعني سره بأن الله قد أكرمه برؤيا الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم شرف بذلك يومياً ..
اقشعر جسدي وأحسست حينها بضآلة نفسي و حقارة شأني وأنا أمام هذا العبد الصالح الذي خص بهذا السمو فقلت له وماذا فعلت حتى زالت عنك الحجب وكشف لك هذا النور الإلهي؟ قال: أخبرني أن أحد الرجال الصالحين كان يصلي على النبي صلي الله عليه وسلم في اليوم أكثر من أربعين ألف مرة حتى أمسى يراه كل ليلة فقال لي بدأت أفعل ذلك لمدة أربعة أشهر بلا انقطاع فلم أره فانتابني حزن عميق وشكوك في إفادة ذاك الشيخ فهممت بأن أترك الصلاة بهذا العدد .. فعلياً لم أفعلها فنمت فإذا بسيدنا الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم يأتيني مناماً ومن حينها لم أترك الصلاة والسلام عليه…
سرني البارحة نبأ استشهاده.. مشروع سعى إليه جاهداً ما وسعته الحيلة والمسلك..وأمنية عزت عليه طويلاً و هو الذي ما سمع هيعة إلا وطار إليها تعرفه أحراش الجنوب وأدغال الشرق وخنادق المدرعات…
أسرع إخوانه في خدمتهم يطهو لهم الطعام و يريش ضعيفهم ويستنهض هممهم و يصحح عزائمهم ويوادُّهم ويضاحكهم ويعلمهم فنون القرنوف…
ممدوح أحد علماء بلادي في القانون يسارع إليه طلاب المعادلة فما من طالب جلس إليه إلا وقد كتب الله له التوفيق في امتحان المعادلة فقد اختص بقدرة فائقة على الشرح وبراعة إيصال المعلومة والإفادة منها..
شرفت بالعمل معه في بعض الدعاوى المدنية التي ختمناها معاً بالظهور في مجلس تحكيم…
من فضل الله عليه أنه قتل في ساحة الجهاد دفاعًا عن وطنه و عرضه حتى لا تغتصب أو تسبى حرائر الخرطوم وهو الذي يدرك بفراسته وكشفه ونورانيته وبصيرته النافذة أن سقوط المدرعات تعني استباحة ما تبقى من منازل المواطنين الأبرياء بواسطة عربان الشتات لأجل ذلك ظل مرابطًا بها…
إنها إرادة الله ومشيئته قد حققت له أمنيته السامية و أمله الكبير أن يلاقي ربه شهيداً بعد أن خصه بمؤانسة النبي صلى الله عليه وسلم في الدنيا…
من كرامات هذا الشهيد البطل ممدوح أنه لقي ربه شهيداً لتسير بسيرته مواقع التواصل الاجتماعي وتنقل ثبات فلذات كبده وهن يخاطبن حشود المعزين الذين بكوه بالدمع السخين مفتقدين فيه طيبته وحسن معشره وظرف مؤانسته،، في وقت سارت نفس المواقع بسيرة الهوان ((الباطل)) وجدي صالح وهو يتسكع في شوارع الإسكندرية مع صويحباته في موقف مخزٍ جعل بعض الشباب يسارعون إلى التهجم عليه والإساءة إليه ساخرين منه مسمعين إياه أبشع العبارات التي تطعن في شرفه ونزاهته و تمعن في وصمه بالفساد الذي لم يكن خافياً على أحد وهو يتقلب في السجون مجرمًا آكلًا للسحت من مال الشعب…
اللهم إنا نحسب سيدنا عبدك الصالح الدكتور ممدوح و أنت حسيبه قد صدقك نيته ومشاعره وعمله راجيًا الشهادة في سبيلك فبلغه ما رجاه منك و تقبله شهيداً عندك في الجنة و أره مقعده منها وزف روحه إليه في حواصل طير تسرح وتمرح في خضرتها…
إن ساعة الانتصار قد دنت فقد كانت تحتاج إلى مهر ثمين ها نحن قد سددناه دماء طاهرة و أرواحًا عزيزة غالية في مثل نقاء ممدوح وطهره وتجرده…
أجزم أنها دنت والشعب السوداني يتابع بإعجاب وتقدير شباب الحركة الإسلامية يدافعون وينافحون عنه يجودون أسخياء بدمائهم الطاهرة و أنفسهم الزاكية دون من أو رياء في وقت هرب هوانات قحط متخذين من الحانات ملاجيء للخمر والسكر و الفجور …
فالمشهد بدأ واضحاً أمام الشعب السوداني وله حق الخيار الكامل بين من صدقه باذلًا مهجته و ماله لأجله وبين من هرب منه ساعة الحاجة والعسرة مادًّا لسانه إليه في غباء مستحكم..
عمر كابو