منذ اندلاع تمرد مليشيان الدعم السريع المحلولة في منتصف أبريل الماضي حرصت المليشيا على إستهداف ولاية شمال كردفان لموقعها الإستراتيجي الذي يربط العاصمة الخرطوم بغرب السودان، والمعلوم أن الابيض تربط ولايات شمال وغرب كردفان ودارفور، لذا لجأت المليشيا وفي أول دقائق الحرب لتدمير وضرب الطائرات الحربية بمطار الأبيض لشل قاعدة الهجانة الجوية وهو مانجحت فيه.
صمدت قوات الهجانة (ساس الجيش) صمود سيسجله التاريخ وتصدى جنود الهجانة وهيئة العمليات بجهاز المخابرات العامة وقوات الشرطة والمستنفرين لعشرات الهجمات التي شنتها المليشيا على الأبيض ومن عدة محاور وقدموا بسالة يحب أن تدرس في الكليات العسكرية وهي الفرقة الوحيدة في الجيش التي ظلت تهاجم فلول المليشيا وتطردهم من مواقعهم..
لولا عناية الله وصمود وبسالة ورجالة الهجانة لسقطت الأبيض في يد المليشيا فالهجوم على الأبيض يقارب الهجوم على الخرطوم والقيادة العامة والمدرعات مع فارق الحصار وقطع الطرق والإمداد عن الأبيض.
لأن المليشيا تعلم قيمة الأبيض ومدن شمال كردفان الإستراتيجية لذا حاصرت الأبيض من كل الاتجاهات واستباحت مدينة بارا التي لا يوجد بها جيش رغم موقعها الاستراتيجي ولن تستطيع الشرطة بتسليحها العادي وعددها المحدود صد المليشيا القادمة من دارفور ودول الجوار، لذا انسحبت من مواقعها وأصبحت بارا بلا جيش ولا أمن ولا شرطة، فنُهبت مُمتلكات المواطنين وسياراتهم ومقتنياتهم ولم تتوقف المليشيا عن استباحة بارا إلا بعد أن وقف أهل بارا وقفة رجل واحد وانتفضوا وقطعوا الطريق أمام جنود مليشيا الدعم السريع بأسلحة بدائية وعصي وفؤوس وقبل ذلك برجالة وإيمان، فتوقف جنود المليشيا عن النهب والسلب ببارا وخاطبوا أهل المدينة في السوق والمسجد وتعهدوا بعدم استهداف بارا، فأمنت المليشيا ظهرها وجعلت الطريق سالكاً لأمدرمان تجيش خلاله المرتزقة والمقاتلين واللصوص والنهابين وتستقبل عبره الدعم والعتاد من المطارات الترابية في أم بادر بالضافة لتأمين الطريق الصحراوي الذي يربط ليبيا بحمرة الشيخ والدعم الإماراتي عبر مطار أم جرس بتواطؤ ومساعدة الرئيس التشادي محمد إدريس ديبي.
لم تكتفي مليشيا الدعم السريع المتمردة بذلك بل لجأت لاحتلال عروس النيل مدينة أم روابة ثاني مدن الولاية واستبحتها بالكامل ونهبت الأسواق والسيارات وممتلكات المواطنين، وللأسف تم ذلك بتواطؤ ومساعدة بعض أبناء المدينة والقرى المجاورة المنتمين لقحت (الذراع السياسي للمليشيا) والمجندين في صفوف مليشيا الدعم السريع وبعض القيادات الأهلية الرخيصة التي باعت شرفها واهلها وأرضها بدراهم معدودة.
ليس بعيداً عن الأذهان مذبحة أبو حميرا التي قتل فيها جنود المليشيا العشرات من المواطنين العُزل والأبرياء، ولا مذبحة ود عشانا الأخيرة التي قتل فيها جنود المليشيا أعيان المنطقة ونهبوا مقتنيات المواطنين بأكملها..
الوقت لا يسمح بالكتابة عن التقصير في نشر الحاميات العسكرية ولا زيادة العتاد، ولا إنفتاح جيش الهجانة على المدن فللجيش تقديراته، ولكن المحير تفرج القيادة العامة على مايحدث في شمال كردفان وتوقف سلاح الطيران عن ضرب الأهداف الثابتة والمتحركة للمليشيا التي ظلت تهاجم مدينة الأبيض باستمرار ووصلت في هجومها الأخير حتى سوق الخضار (الملجة) وعمارة عبد الظاهر (شمال السوق)، ولولا بسالة جنود ورجالة جنود الهجانة وأبطال هيئة العمليات لتم نهب سوق الأبيض وهو الهدف الذي تتخطط له المليشيا.
حسب الخبراء العسكريين فإن الغارة الجوية من وادي سيدنا للأبيض لا تحتاج لأكثر من نصف ساعة وهي أقل من المدة التي يمكن أن تقضيها الطائرة في طوافها حول الخرطوم قبل قصف الهدف.
أمر آخر هو ضرورة تكاتف المواطنين خصوصاً في مدينة الأبيض ودعم القوات المسلحة بالمؤن والعتاد والسيارات، فسقوط مدينة الأبيض سيدفع ثمنه الجميع..
أرجو أن يتبنى رجال الأعمال وأعيان مدينة الأبيض مبادرة لدعم الهجانة بتوفير السيارات المقاتلة فالابيض تضج وتعج بالبكاسي والكروزرات التي يمكن أن تستولي عليها المليشيا وتستخدمها ضد الجيش بالإضافة لصيانة سيارات الهجانة المتعطلة خاصة وأن قيادة الهجانة إضم إليها المئات من جنود هيئة العمليات والمستنفرين، لذا فالواجب الوطني والظرف الاستراتيجي يحتم على أهل الأبيض وولاية شمال كردفان عامة دعم الهجانة بالمال والعتاد في معركتها ضد المرتزقة والعملاء.
صمت القيادة العامة وتقاعس أهل شمال ردفان عن دعم الهجانة سيكون ثمنه غالياً وحينها سيعض الجميع بنان الندم وحينها لا تنفع ولاة حين مندم..
ألا هل بلغت اللهم فاشهد..