وكالات : كواليس
لغوي عراقي كرّس حياته لخدمة اللغة العربية، تضعه أبحاثه النحوية في مصافّ كبار النحاة العرب في العصر الحالي، لكنه لم يحظ بالاهتمام الذي يستحقه، حتى إنه لم ينل عضوية في مجمع اللغة العربية العراقي.
ولد الدكتور إبراهيم السامرائي في العمارة بالعراق، وتيتم من أبويه طفلا، وربته خالته. وفي زمن ما قبل الاستقلال استطاع بنبوغه أن ينال منحة إيفاد إلى جامعة السوربون بالعاصمة الفرنسية باريس، وعاد بشهادة الدكتوراه.
وفي العراق المستقل، لم ينل السامرائي حتى العضوية في مجمع اللغة العربية العراقي، وعلق قائلا: هذه وظيفة تتم بالتعيين، ولم أُعيَّن.
وخلال مشواره المهني، قام اللغوي العراقي -الذي سلطت عليه الضوء حلقة (2023/10/3) من برنامج ” تأملات”- بتدريس اللغتين العربية والسُّريانية في العراق، وله باع في الفرنسية ونشر بها أبحاثا، وكان يتعقب في العديد من كتبه الكلمات والأساليب الدارجة ويعيدها إلى أصولها، فهو صاحب لغات شرقية وغربية كثيرة.
وفي كتابه “دراسات في اللغة”، أورد التعبيرات الأجنبية التي دخلت العربية بألفاظ عربية ومنها، السهر على المصلحة العامة، ذرُّ الرماد في العيون، توتر العلاقات، اللعب بالنار، أجاب بالحرف الواحد، يبكي بكاء مُرَّا، دموع التماسيح، القضية مطروحة على بساط البحث، على قدم المساواة، حجر عثرة، الاصطياد في الماء العكر..
ويوضح السامرائي في الكتاب الأصل الفرنسي أو الإنجليزي، أو كليهما لتلك التعبيرات.
ورغم مكانته العلمية، تعرض اللغوي العراقي لمعاناة في حياته، ويروي أحمد علاونة مؤلف سيرته كيف كان السامرائي وهو شيخ جاوز الـ70 ينتقل من دائرة حكومية إلى أخرى في الأردن لينال بطاقة الإقامة، وهو العضو في مجمع اللغة العربية الأردني، والمحاضر في الجامعة الأردنية. وكيف اضطر أخيرا إلى أن يأخذ ورقة من مكتب هندسي تقول إنه يعمل في ذلك المكتب.
أما المؤرخ المصري، وديع فلسطين فيروي كيف وصل السامرائي مرةً متأخرا إلى اجتماع مجمع اللغة العربية في القاهرة، فسئِل عن ذلك فأجاب بغضب: (بعد 3 ساعات من الانتظار الممل والمذل في المطار، بسبب عراقيتي، أُذن لي بالدخول. حقا إن وصف العرب بأنهم أشقاء مغاير للحقيقة، بل هم أشقياء).
ويضيف وديع فلسطين: (خاطبته بلقب دكتور، وهو في صناعة التأليف والترجمة حجة آمِرَة، فنهاني، وقال لي إنه أخذ يُسقط اللقب من أغلفة كتبه بعدما هزُل اللقب على أيدي الدكاترة المحدثين).
وتوفي السامرائي -الذي نشر 60 كتابا- مغتربا في الأردن عام 2001 وقد قارب الـ80، وشيعه قلة ممن عرفوا فضله.