ما بالك بنكرة حضوره في عالم الصحافة من حيث التاريخ والأثر والتأثير والحضور والإسهام والفاعلية يكاد لا يتجاوز الصفر بكثير ما يجعل المرء يقرر بكل ثقة وطمأنينة أنه فشل في تقديم نفسه صاحب قلم مقروء له جمهوره ولونيته ولغته ومتابعيه..كان ذاك سبباً كافياً أن توصد المؤسسات الإعلامية ذائعة الصيت في ذاك الزمان أبوابها في وجهه وهي التي لطالما شرعتها في وجه أصحاب المواهب الفذة والأقلام الرشيقة المتميزة وبادلتهم عطاءاً دافئاً بعطاء سخي مميز ابتغاء المحافظة عليهم في سوق المنافسة فيه حادة جادة..اقتنع النكرة عاطل الموهبة والإبداع بأن هذا المجال يضيق علي أصحاب القدرات الضعيفة والإمكانات المحدودة فهجر المجال وهاجر إلى دولة قطر يبحث عن باب للرزق بها في ذات المجال أو في غيره ..
إلي ذلك الوقت لم يكن النكرة ((فكي)) محمد سليمان الفكي شيئاً مذكوراً ولكي نكون أكثر دقة فإني أكاد أجزم أن هذا الإسم لم يكن معروفاً في الأوساط السياسية أو الإعلامية إلا بعد الانقلاب العسكري المشؤوم علي الرئيس البشير شأنه شأن كل هوانات قحط أراذل القوم كلاب السياسة السودانية…
إذن هو الآن في دوحة العرب قطر دوحة السخاء والجود والكرم..بدأ يبحث فيها عن عمل في عالم الصحافة ولكن هناك صدته مؤسساتها بعد أن اكتشفت خمول غريب في قدراته وخبراته..حتي شفع له زميل دراسة لدى إحدى الصحف فقبلته على مضض مصححاً— وهو الذي لايفرق بين ((الفاعل والمفعول به شأنه في السياسة)) — بعد أن اكتشفت اضمحلال مفرداته وضمور ثقافته وبؤس فكره ورؤاه وموضوعيته..أمام الراتب الشهري الضعيف اضطر لأن يتخذ غرفة في سطح أحد أفران الدوحة سكناً له نالها باستعطاف محسن من أهل البر والإحسان هناك…وهو في هذه الحالة وذاك البؤس والتعاسة والحرمان فجأة تم تدبير المؤامرة الدولية التي ذهبت بالبشير وجاءت بطامة كبرى أسموها ثورة انتهت علي مانحن عليه الآن من اغتصاب النساء وطرد المواطنين من منازلهم ونهب ثرواتهم وأسر شبابهم وقتل الأبرياء منهم والله وحده الذي يعلم ما تخبئه الأيام للسودان من دسائس ومؤامرات ومآسي…يومها أجمع أمره وحزم حقيبته وعاد أدراجه إلى الخرطوم،، فالخرطوم الآن قد سطا عليها شرذمة من ((شلته الجامعية)) ليسيطروا على الفترة الانتقامية بعد أن نجحت المخابرات الأجنبية في تسويقهم إعلامياً للرأي العام للأسف رموزاً وقادة لوطن شامخ مثل السودان ..
خديعة لم يكتشفها الشعب السوداني إلا بعد أكثر من عام أن ثورته قد سرقت وأن من يقودهم الآن دون الطموح بلا كسب حقيقي ولا مؤهلات عليا لأجل ذلك ثار عليهم وانتهت تلك الثورة التصحيحية بأن أجبر البرهان علي حل حكومتهم التافهة وطردهم…فجأة وجد هذا ((فكي)) سليمان نفسه عضواً في المجلس السيادي ((حتة واحدة كدة)) والمجلس السيادي هو أعلي الهرم السيادي والتنفيذي والتشريعي حسب وثيقتهم الدستورية التي اختصته مع مجلس الوزراء مجتمعين بالسلطة التشريعية ريثما يتم تشكيل مجلس تشريعي يمارس تلك السلطات…
هاهو بكل الوضاعة والتفاهة تم تعينه في منصب حساس كهذا قائداً لشعب عظيم…يبدو أن هذا ((الفكي)) لم يحتمل أمر طرده من هذا الكرسي بمخصصاته الضخمة وصولجانه العجيب حيث الأضواء والإبهار والعظمة والسلطة والحكم فدخل في حالة من الصدمة جعلته لا يحسن التفريق بين الأشياء…فقد ظهر أول البارحة في كينيا التي هرب إليها من جحيم حرب ساهم مع هوانات قحط في إشعالها راضياً بأن يأكل و((ويشرب)) ويرتع من مال الخيانة والعمالة الكيني الاماراتي مقابل دعم ومساندة مليشيا متمردة نهبت وسرقت وأفقرت الشعب السوداني قوامها مرتزقة أجانب غزو الخرطوم لأجل مصالح دويلة تافهة هي الامارات العربيه المتحده..هو الآن لاينظر إلا من خلال عدسة تزين له الباطل وتظهر الشر في ثوب الخير والحق والجمال…فلا يستغربن أحدكم أن يصرح لقناة الجزيرة مطالباً بتمكين المليشيا المتمردة المجرمة…ولا يستعجبن عاقل إن سمع هذا المعتوه يرفض تدمير المليشيا المتمردة تحت زعم أن ذلك تدمير للمقدرات القتالية لمنظومة القوة الأمنية السودانية…ولا يفغرن امرؤ فاه إن سمع هذا التافه يصف مرتزقة المليشيا بأنهم ينحدرون من خلفيات اجتماعية…
نعم هو معذور فالصدمة تأثيرها عليه كبير أكبر من هشاشة تكوينه النفسي والعقلي الذي سمح له ذات يوم بأن يطرد اتحاد ذوي الإعاقة من مقرهم ليستغله سكناً له بعد أن قام بسداد مبلغ ٢٤٤ مليار من مال الشعب للشركة التي قامت بتأهيله في وقت كان يموت فيه المئات يوميا ً من مرضي الكلي لانعدام المحاليل الوريدية…نعم الشعب السوداني بذكائه المعهود تصدي لتصريحاته التي تنم عن خسة وخيانة وتفاهة ونذالة وعمالة لكن بصدق فإن الموضوعية تتطلب أن ننزل الرويبضة منزلة المعتوهين المجانين حتى يفيق من صدمته؛ فذهاب السلطة عند من لا يعرف الله ولا يخشي بأسه يذهب المشاعر ويفقد العقل فهي أعظم درجات الجنون ولذلك أصدقكم القول أن حديثه الذي أدلى به لا يصدر من عاقل يعي الأشياء…فإن أبيتم ذلك فأدرجوه في خانة كونه ((فكي)) له من اسمه وافر النصيب….