إنتبه الإتحاد الإفريقي فجأة إلى أنه قد تم سحب البساط تماماً من قدميه في المسألة السودانية وهو الذي كان ملء السمع والبصر طوال الفترة الأولى من الفترة الانتقامية التي أعقبت الإنقلاب المشؤوم على الرئيس البشير بعد حراك خدع فيه الشعب السوداني و خيل إليه توهمًا أنه بمجرد ذهاب الإنقاذ سيتحول السودان إلى فيحاء خميلة تجري من تحتها الأنهار دانية قطوفها فإذا به ينتهي إلى لاجيء مشرد منهك خائف يتسول اللقمة واللحاف في معسكرات نازحي دول قمة البؤس والحرمان كما في تشاد و إفريقيا الوسطى…
في تلك الأيام كان الإتحاد الإفريقي أحد أهم الممسكين بخيوط إدارة اللعبة عبر الأمانة العامة له…
الآن وبعد أن اشتعلت نيران المعركة ودارت رحاها في الخرطوم وأظهرت الدول تنافساً محموماً في الظفر بإدارة ملف الأزمة بالسودان من خلال عديد المبادرات المطروحة والمنابر المعلنة وجد الإتحاد الإفريقي نفسه بلا دور يذكر في معظمها خاصو وأن كل هذه المبادرات المطروحة تم إقصاء الاتحاد الإفريقي منها عن قصد استخفافاً وازدراءً أو مراعاة لمشاعر الشعب السوداني الذي يرى فيه أنه أحد الضالعين في أزمته المتسببين فيها، وعلى هذا فإن دخوله في أي مبادرة تعني أنها ستواجه بعاصفة كاسحة من الرفض وعدم الرضا والقبول من أهل السودان خلا هوانات قحط أراذل القوم الذين يصطفون الآن في معسكر الخيانة والعمالة والارتزاق بعيداً عن هموم الوطن وآلام المواطنين المشردين والذين أجبرتهم وطردتهم مليشيا الجنجويد الأجنبية المتمردة على الخروج من منازلهم قسراً أو رعباً أو إيثاراً للعافية وطوق النجاة من هلاك وشيك على أيدي هذه المليشيا المتمردة…
ولكي يعيد الإتحاد الإفريقي نفسه إلى دائرة الفعل والتأثير والمبادرة رأي الاتحاد الإفريقي الهوان أن يطرح مبادرة جديدة لحوار يضم كل أطياف الشعب السوداني وتياراته المختلفة بما فيها المؤتمر الوطني… ومن الإنصاف أن نقول بأنه أول من بادر بطرح فكرة إشراك المؤتمر الوطني في مفاوضات جدية كحزب كبير يحتل الآن المركز الأول دون منازع من حيث المبادأة والترتيب والتنظيم والاستعداد لكل المراحل والمواقف والتحولات…
لكن في المقابل يجب أن نقرأ دائماً تحركات هذا الاتحاد بحذر سيما وأن أمانته وثيقة الصلات بالمخابرات العالمية تلك التي ارتكبت أكبر الجرائم ضد رموز المؤتمر الوطني وأبقتهم في السجون سنوات متطاولة ما يجعلنا لا نثق في مثل هذه الأحابيل والشراك المنصوبة للإسلاميين…ولكي نقرأ هذه المبادرة قراءة صحيحة يجب أن نربطها دوماً بالغاية الشريرة والهدف الوضيع الخسيس الذي يسعى الإتحاد الإفريقي له في السودان وهو تمكين قحط اللعينة الفاسدة من السلطة ومنحها فرصة ثانية لحكم البلاد…
إذن الاتحاد الإفريقي يعلم علم اليقين أن هوانات قحط خرجت من السودان ولن يقبل وجودها أي مواطن سوداني في الخرطوم ناهيك أن يحكموه مرة ثانية وعليه فإن مبادرتها فقط تريد أن تعيدها تكتيكياً للمنابر الوطنية وتتجاوز بها مرحلة القطيعة النفسية والخصومة والكراهية الشعبية حتى يخلو لها وجه السودان عبر التضييق مرة ثانية على الإسلاميين مثلما حدث للإسلاميين في تونس بالانقلاب عليهم والزج بهم في السجون وملاحقتهم بتهم تافهة لا أصل ولا سند لها من واقع وقانون…
المؤتمر الوطني حزب محترم وكبير لا ينتظر من اتحاد وضيع كالاتحاد الإفريقي منحه إذناً خاصاً للمشاركة في الشأن العام وهو الذي لم ينفصل عن هموم الوطن ولا المواطنين…
يكفي أن هذه الحرب اللعينة أثبتت صحة الزعم بأن هذا الوطن ليس له سوى الإسلاميين الذين يظاهرون ويساندون قواتنا المسلحة بما تجاوز أربعين ألف مجاهد يصطفون كتفاً بكتف مع الجيش ويقدمون الشهيد تلو الشهيد…
ستنجلي المعركة وسيكتشف الشعب السوداني أن آلاف الشهداء من شباب الإسلاميين ارتقوا للسماء شهداء في سبيل الله والوطن والشعب…
في وقت توزع فيه عرمان سعيد عرمان وطه عثمان وخالد سلك مابين اجتماعات مناصرة المتمردين أو حانات المجون والدعارة كما المقاطع التي راجت على الوسائط هذه الأيام…
من الآخر.. المؤتمر الوطني حزب أصيل لايحتاج إلى بطاقة دعوة أجنبية أو جواز مرور للمشاركة العامة ؛ فذلك حق كفلته له المواثيق الدولية والدساتير وحظي بثقة ورضا الشعب الذي إن عاد به الزمان القهقرى لما تمنى غير عودة أيام البشير المفترى عليه…