ما جدوى ظهور حميدتي اليوم سواء حقيقة ً او عبر تقنية الذكاء الصناعي ؟ بمعني هل ظهوره اكسبه الاحترام كقائد؟ ، وهل ظهوره سيدفع البعض لتناسى ما مر به من مآسي ليلتف حوله ؟ وهل يمكن ان يفكر البعض في ان يشتكي له قواته ويتوقع منه الانصاف والتعويض؟ هل انت كمواطن لديك اشكالية مع قواته و ترى انه مختلف عن قواته وما يحدث لا يشبهه ومن ثم فإن ظهوره واعتذاره سيعطيك الأمل في انه سينقذك مما تفعل قواته ومن ثم تقبل الاعتذار رغم ان الشر دخل الدار ؟ واذا هو استطاع ضبط قواته وسحبها من البيوت ، هل مشكلتك ستكون قد حلّت مع مليشيا الدعم السريع ؟ هل ظهوره سيجعلك تتقبل وجود الدعم السريع كمؤسسة وافراد ؟ هناك سؤال مهم : لماذا ظهر الان ؟ ! وفي هذا التوقيت ؟ بصراحة حاولت ان اجد اجابات ، فقد كان واضحاً منذ البداية ان ظهوره تم لاسباب داخلية ، فخطابه موجه لقواته ليثير فيها الحماس ويحفزها على التماسك ويعطيها ثقة في نفسها وليدافع عنها ، لكن لماذا الان ؟ ! السبب الرئيس هو هروب عبدالرحيم دقلو قائد ثاني الجيش من الخرطوم ، وتفاوضه على الانسحاب مقابل مصالح اسرته وضمان عدم المحاسبة الجنائية وعدم المساس بممتلكاتهم وثرواتهم ، مع التفاوض حول صيغة تحفظ وجود جزء من قواتهم تحديداً ما تبقى من قدس 1 وجزء من قدس2 ، ( من يعرف تكوين هذه القوات يعلم معنى ذلك ) وهذه القوات يتم تحديد تبعيتها وقيادتها وتسليحها حسب الاتفاق ، لم يهتم ببقية العشائر التي قاتلت معهم ولا بالخسائر البشرية التي حدثت لهم ولا بمصيرهم !! وبين هولاء قيادات ورموز تورطت في الوقوف مع الدعم وتصدر بعضهم المشهد في الوقت بدل الضائع !! ، ( وشال وش القباحة ) مع اهل السودان ، وكان ظهورهم غير المرغوب فيه من ال دقلو احد اسباب ظهور حميدتي ، ليقول انا القائد .
لقد تسرّبت تحركات عبدالرحيم ورسائله ، مما جعل عدد من القيادات يشعر بالخيانة والخديعة ، وبالخطر عليهم شخصيّاً وعلى عشائرهم ، ولذلك تواصلوا عبر قنوات آمنة وسلّموا انفسهم للجيش ، وبسبب هروب عبدالرحيم وعدة قيادات من ال دقلو حدثت انقسامات مؤثرة بين صفوف قيادات المليشيا وصلت لحد المواجهات المسلحة !! في عدد من مناطق الخرطوم!! ..
لهذه الاسباب كان لابد ان يظهر حميدتي باي صورة حتى يمنع انهيار ما تبقى من هذه القوات ، ويحافظ على تماسك هذا الحلف الهش ، حلف الشر الذي جمعته المطامح والمطامع ، فهناك عمليات اخيرة كبيرة لابد من القيام بها حتى يتحسن موقف المليشيا التفاوضي مستقبلاً بما يحقق جزء من اهداف ومصالح الرعاة التي حرضوا لاجلها الاخوة دقلو وبعض قيادات الحرية والتغيير المجلس المركزي، على الاقدام على خطوة الانقلاب النظيف والمضمون للسيطرة على السودان ، وشاءت ارادة الله ان يفشل الانقلاب في المحاولة الاولى والثانية وطوال الايام الثلاثة الاولى ويتحول الانقلاب الى حرب ضد الشعب السوداني ومؤسساته ومقدراته وتاريخه ووجوده . لقد تم خلال الايام الماضية التمهيد للعملية الكبيرة القادمة، التي في الغالب مسرحها هو مدينة الخرطوم حيث القيادة العامة وسلاح المدرعات ، فقد تمت عمليات اعادة انتشار لجنود المليشيا في الخرطوم خاصة جنوب وغرب المدينة ، وتمت عمليات تهجير وحشية وشرسة للغاية في الاحياء السكانية المستقرة ، كان أسوأها في منطقة الكلاكلات ..لقد كان الهجوم عنيفاً على المواطنين العزل وبدأ جليّاً من مستوى عدد الاغتيالات الكبير والانتهاكات التي تعرضت لها النساء والنهب الواسع للمنازل والاسواق والمحلات ومن مستوى الاهانة والاذلال الذي تعرض له المواطنون ، ان هناك سياسة ممنهجة لمعاقبة المواطنيين الذين رفضوا المليشيا في هذه المناطق ووقفوا ضدها علناً ، كما تهدف لخلق حالة من الاحباط والسخط ضد البرهان وقيادة الجيش التي لم توفر لهم الحماية ! كذلك هدفت قيادة المليشيا الى الحفاظ على تماسك القوات عبر تقديم هذه المنطقة الواسعة كغنيمة لمجموعات معتبرة من مقاتليهم الذين انضموا اليهم سعياً وراء الغنائم, وجاء الظهور اليوم لتحسين صورة الدعم السريع وتبرئته من الانتهاكات التي وقعت على المواطنيين ، حيث تبرأ حميدتي شخصياً من المتفلتين وصنفهم كأعداء ، رغم علمه انهم جزء اصيل من قواته ، وهذا لا يبدو بعيداً عن هجوم يوسف عزت على قبيلة المسيرية وتحميلهم مسؤولية النهب والانتهاكات والاغتصابات .تشير الدلائل الى قرب موعد العملية العسكرية الكبيرة التي يخططون لها ، و هدفها الاخير هو القيادة العامة للجيش التي يرون انهم لاحكام السيطرة عليها ينبغي عليهم تحييد سلاح المدرعات اولاً ، وهنا سواء قتلوا البرهان او حاصروا القيادة ، فإن موقفهم التفاوضي سيتحسن للغاية ، وفي الغالب جاء الظهور لتسريع هذه المعركة والتي اتوقعها خلال 72 ساعة القادمة وربما تزيد قليلاً ،حيث ان قيادة المليشيا او من يخطط لها يعلمان ان عدد كبير من المقاتلين لن ينتظر حتى يحبسه فصل الخريف الذي ابتدأ، في الخرطوم .ان ظهور حميدتي اليوم رسالة تطمين للفصائل التشادية المقاتلة مع الدعم السريع وعددها 13 فصيل ، وهولاء يرون ان معركتهم الاساسية ليست في الخرطوم بل هي ضد ( الزغاوة) في تشاد كما يقولون وهدفهم هو انجمينا، وكانت مشاركتهم لمساندة حميدتي شخصياً باعتبار صلة القرابة والدم ، وقد استفادت هذه المجموعات من الحرب في الخرطوم حيث نهبت البنوك والذهب وحصلت على تسليحٍ كافٍ بالنسبة لها من مخزون الدعم السريع الوفير من السلاح ، ادى هروب قائد ثاني المليشيا عبدالرحيم دقلو وظهوره في تشاد بترتيب اماراتي رفيع المستوى ، وتحت نظر الرئيس ديبي ، في ظل المسعى الحثيث للامارات لانقاذ المليشيا من خلال تكوين حلف دارفوري موحد يضمها مع الفصائل الدارفورية ، وهو اقرب لكونه حلف مع الزغاوة، على حساب حلفهم مع فصائل المعارضة التشادية ، وهدفت الخطة الى جعل دارفور قاعدة لمهاجمة الخرطوم ولكنها فشلت بسبب رفض سلطان دار مساليت ومناوئ وجبريل لها ، وكذلك المعارضة القوية لقيادات الزغاوة في تشاد، اعتبرت المعارضة التشادية خطوات دقلو (خيانة لها) ، ولم تفلح الجهود التي بذلها ، وتأكيده انه حلف مؤقت في تطمينها ، و مع زيادة الخسائر في صفوفها وقرب فصل الخريف ، بدأت هذه الفصائل التشادية بالانسحاب الى معسكرات اعدت في منطقة مثلث العوينات وحول منطقة الزُرق وفي الداخل الليبي ووصل بعضهم الى مستوطنات لهم في منطقة ديفا في النيجر ، وعاد بعضهم الى تشاد وقد بدأت اثار عودتهم في هبوط سعر الدولار والذهب في السوق التشادي بنسبة تتراوح بين ٢٠-٣٠%،.
في محاولة لثنيهم عن الخروج تم اغراء ما تبقي منهم بتأجيل عملية انسحابهم والمشاركة في هذه المعركة بمنحهم عدد من الطائرات المسيرة التي ستتيح لهم شئ من التوازن في القوة مستقبلاً مع الجيش التشادي الذي حصل على البيرقدار التركية ! ..وقد استلموا بعضها فعلاً مقدماً مع ضمان مغادرتهم قبل ان تمتلئ الطرق الآمنة بمياه الخريف .ان ظهور قائد المليشيا كان مهماً في نظر الكثيرين ، لانه جعله مسؤولاً بصورة شخصية من الجرائم الجنائية التي ارتكبتها قواته في الخرطوم والجنينة ،بالنسبة للشعب السوداني فقد كتب احدهم : ان ظهور حميدتي مهم لي ، فانا لم اشعر بالراحة لخبر موته سابقا ، لكن الان استطيع وملايين الضحايا ملاحقته .. وتحويل حياته لكابوس كما فعل بنا!.وخلاصة القول هنالك ثلاث ابعاد لظهور حميدتي تتمثل في البعد التنظيمي لحسم امر القيادة بعدما شهدت فراغا واضحاً ، احدث خللا فيما تبقي من قوة، وقاد الى خلافات كبيرة واشعل تنافس بين افراد الاسرة لاجل خلافته وادى لقتال داخلي وتصفيات بين المتنافسين ، والبعد الثاني بعد سياسي هدف الى طمأنه الرعاة والحلفاء على مستقبل المليشيا ، وهناك محاولة لتحسين صورة الدعم السريع التي تضررت للغاية بالممارسات المشينة للقوات علي الارض ..
وكذلك تطمين الرعاة بانه ملتزم باستكمال مشروع استئصال الاسلاميين ، وذلك لضمان استمرار الدعم والتسليح .البعد الاخير بعد نفسي ، ً وهو تماماً يتوافق وشخصية حميدتي المتوترة فرغم صبره علي فقدان معظم قوته وقادته وقاعدته كان ظهور ( احمد هارون ) ودعوته الشعب وعضوية حزبه لمناصرة الجيش رغم الظلم الذي تعرض له ، استفزاز شخصي لحميدتي لم يستطع السكوت عليه او تجاوزه ، فالرجل ظل عدوّه اللدود ، وقد اعتقله اربع سنوات دون محاكمة وحاول اغتياله في المعتقل !! ان اهمية ظهور حميدتي رهينةٌ بتاثيره علي الارض وهذا ما ستظهره الايام القادمة في معركة الكرامة .. .