الأغنية ذائعة الصيت للشاعر البجاوي الضابط والدبلوماسي أبو آمنة حامد هي أغنية (سال من شعرها الذهب ) والتي كتبت بالفصحي ، وهي لها قصة حكاها الموسيقار والملحن وعازف الاكورديون المشهور عبداللطيف خضر الحاوي.
ذكر الموسيقار ودالحاوي أنه ذات مرة زار بورتسودان التي بها تعاقدات لتنفيذ حفلات مسرحية في دار السينما مرافقا لبعض الفنانين من الخرطوم وكان ابو آمنة وقتها ضابطا بالشرطة ببورتسودان في منتصف السيتنيات من القرن الماضي .
وفي طريق عودة الفنانين إلى الخرطوم لحق بهم أبوآمنة في محطة القطار ببورتسودان وأعطي ودالحاوي نص قصيدة (سال من شعرها الذهب ) طالبا منه تلحينها وإعطائها لمن يشاء من الفنانين ، وقد أشتهر عبداللطيف وقتها بتلحين تلك الأغنية الفريدة ( المصير ) وغيرها لإبراهيم عوض والتي كتب كلماتها الشاعر ( سيف الدين الدسوقي ) حيث أخذت حجما كبيرا من الشهرة والتمدد..
وقد ظل عبداللطيف طوال رحلة قطار اكسبرس بورتسودان المتجة الي الخرطوم عن طريق هيا – عطبرة يحاول إيجاد لحن للنص داخل ( القمرة ) اي كابينة الركاب بالدرجة الأولي بالقطار ، فاللحن أعجبه ولو أنه كان باللغة الفصحي التي لم يتعودها أهل الفن كثيرا ، لكنها علي اية حال حسب حديث ودالحاوي أنه فرح بكلماتها جدا : ( النسيمات والخصل .. في عناق وفي غزل …نسجت حوله القـُبل ) وحتي يصل الي مقطع ( فارهٌ مترف ٌ لدنٌ .. فننٌ لااااااا ولا فنن …هزني الوجد والشجن .. في الهوي قلبي إغترب .. سال من شعرها الذهب )
باءت كل محاولات ودالحاوي في إيجاد إيقاع يبني عليه اللحن . فقرر ترك الموضوع كليا إلى ان يصل إلى الخرطوم ليحاول لاحقا تلحينها … ولكن وحسب رواية عبداللطيف أن القطار بعد أن تحرك من محطة شندي في إتجاه الخرطوم بحري ، إنتبه عبداللطيف إلي صوت إيقاع عجلات القطار وهي تضرب علي قضبان السكة الحديد ، وقد كان الوقت فجراً والجميع نيام داخل القمرات ، وهنا فقط أتاه إلهام الإيقاع الذي بني عليه لحن الأغنية من ايقاع عجلات ىالقطار، وقد أكتملت أركانها لحنيا وهو يضع الورقة بجانبه ويدندن ، وعلي التو قرر أن هذا اللحن يجب ان يتغني به الفنان صلاح بن البادية ..
وحين وصل القطار الي محطة بحري ، أخذ سيارة تاكسي رأسا الي منزل إبن البادية في شمبات صباحا ، فأيقظ صلاح الذي أنزعج للأمر وهو يفتح الباب لعبد اللطيف لأن الوقت غير مناسب للزيارة . المهم شرح له عبداللطيف سبب المجيء الباكر هذا وهو لديه لحن جميل خفيف لأغنية فائقة الجمال لحنه في القطار، ويخشي إن ذهب إلي دارهم بحي البوستة في أم درمان أن يتبخر اللحن لأنه غير محفوظ في مسجل ، بل في الذاكرة فقط .
وهنا أتي ابن البادية بجهاز التسجيل وبدأ عبداللطيف في الغناء وكان صلاح ينظر إليه مندهشا حتي إكتمال التسجيل تماماً … فأعجب صلاح باللحن وبدأ في بروفاته ذات مساء بدار الفنانين القديمة مع الفرقة الموسيقية ومعه ودالحاوي علي الأكورديون ، ولم يمض إسبوعا واحدا حتي كانت الأغنية تبث في سهرة علي الهواء في أيام عيد رمضان من تلفزيون السودان .
الطريف في الأمر أن ودالحاوي قد ذكر بأن الراحل المقيم ابراهيم عوض قد غضب غضبا شديدا أن عبداللطيف لم يمنحه هذا اللحن برغم التعاون الذي إستمر لفترة بينهما في عدة أعمال في ذلك الزمان مثل ( يا زمن – غاية الآمال – سحابة صيف – لو داير تسيبنا – وبالطبع اغنية المصير ) . فظلت اغنية الذهب لأبو آمنة حامد صامدة ومتألقة حتي اللحظة .
السيدة الجميلة في الصورة ادناه هي من كُتبت فيها اغنية “سال من شعرها الذهب” وشاعرها هو زوجها الاستاذ ابو امنة حامد وطفلهما الذي كان اسمه الكامل ( جمال عبد الناصر حسين ابو امنة حامد) نسبة لاعجاب والده الشديد بالرئيس المصري السابق فاطلق عليه اسم الرئيس الثلاثي.عليهم الرحمة جميعا.
كلمات الاغنية
سال من شعرها الذهب
قصيده للشاعر السوداني ابو امنه حامد
سال من شعرها الذهب فتدلى وما انسكب
كلما عبثت به نسمة ماج واضطرب
النجيمات والخصل فى عناق وفى غزل
نسجت حوله القبل موكبا يغزل الطرب
فيه من سمرة الأصيل شعرها المذهب النبيل
ثغرها اليانع البليل كرزة حفّها العنب
يا حبيبى … أكلما قلبىّ المغرم احتمى
بك وانزاح ملهما عاد كأسا بلا حبب
فاره .. مترف .. لدن ..فنن.. لا .. ولا فنن
هزنى الوجد والشجن فى الهوى قلبى إغترب
رقص الورد والزهر مهرجانا على النهر
سال فى الشط وانهمر عطره الحلو وانسر
بأى غصن إذا انثنى فيه تحتفل الدّنا
والثريات والسّنا غير بدرى إذا احتجب
عشت فى الحب منتهى التيه .. ولكن بلا انتهاء
تائه .. ذاهل النّهى شفّنى الوجد والطرب
إن تكن أنت لم تزل يوم بدر المنى اكتمل
نحن شلناك فى المقل وقعدنا على اللّهب