سألني كثير من الأصدقاء أين أنت؟ قلت لهم موجود في بلدي، لم أغادرها، أشاهد الطيران الحربي وشواظ الليالي الحالكات، واستمع إلى أصوات المدافع واشتم رائحة البارود والموت، وأواسي أسر الشهداء، والمعزولين بين الارتكازات والقناطر والجسور، وأتحدث أحياناً للقنوات الفضائية، وقد أوقفت الكتابة عن سير العمليات العسكرية، لأسباب اعتقد أنها منطقية، لأن النشر بالطريقة المتداولة، كثير منها ضار، معلومات مُضللة تقود الى قراءات مُضللة أيضًا، صور وفيديوهات يتم تصميمها في معامل الأعداء وتمريرها وكثير من الفخاخ، لا تفيد الجيش السوداني الذي ضرب سياجاً سرياً حول خُطته، وفي المكابرة مجاراة لطريقة الميليشيا المتمردة التي تعتمد على الاغراق، وتصوير كل شيء في طريقهم، صيدلية، محطة وقود، مظلة شرطة مرور، اقتحام البيوت، شغوفون بتلك الانتصارات الاستعراضية الزائفة، حتى اغتصاب الفتيات يتم توثيقه من قبلهم، في تفاخر شاذ بالمتعة الحرام، وكذلك قتل الوالي خميس أبكر والتمثيل بجثته، تحولت هواتفهم إلى شواهد إدانة ضدهم، لا مجال معها للإنكار، وبذلك هزموا شعاراتهم، مشت فوقها تاتشراتهم الهاربة فزمقتها اربا اربا، وملايين الدولارات التي أنفقوها على الإعلام الإلكتروني، وأقاموا وحدة لحقوق الإنسان ثقل عليها الحمل، ودمرتها النيران الصديقة، ولعل أبلغ عبارة استوقفتني لفهم طبيعة هذا القتال، قالها الجنرال مالك عقار ” الدعم السريع يقاتل تكتيكياً لكسب المعارك، والجيش يقاتل استراتيجياً لكسب الحرب”، وهو ما ستكشف عن الأيام، قريباً، وستجلبه الساعات المقبلة مع تباشير الوقوف بعرفة، ثقة في الله وفي جيشنا.