وكالات : كواليس
يقدم المؤرخ والأكاديمي المصري خالد فهمي -في الجزء الأول من حواره مع برنامج “المقابلة”- قراءة خاصة للثورة التي عرفتها مصر عام 2011 وأطاحت بنظام الرئيس حسني مبارك، منتقدا أداء جماعة الإخوان المسلمين في تعاملها مع هذه الثورة.
ويقول إنه كان يتوقع حراكا فكريا وثورة ثقافية فنية، لكنه لم يتوقع ما وصفها بالثورة الكبيرة التي شهدتها مصر عام 2011، معربا عن سعادته بالمشاركة في تلك الثورة، وأنها كانت أهم فترة في حياته على مختلف المستويات.
ويضيف أنه كان منبهرا بحراك الشباب وبشجاعتهم وبقدرتهم على طرح أسئلة جديدة، وفي الوقت نفسه كان متوجسا من عدم إدراك ووعي هؤلاء الشباب بالنضال الشبابي والطلابي للأجيال التي سبقتهم، مشيرا إلى أن الإصرار على عدم التواصل مع تلك الفترة تجعل الناس تفشل في تشكيل رؤية للمستقبل.
ويؤكد أن الثورة شكلت انفتاحا غير مسبوق، وكانت هناك إمكانية للحوار الجاد بين المصريين، معتبرا وصول جماعة الإخوان المسلمين بالشيء المضر، لكنه أيضا شكل تحديا تاريخيا للاشتباك مع الجماعة، التي قال إن أفكارها فقيرة ولا تملك حلولا للمجتمع المصري، مشيرا إلى أن الإخوان كسبوا الانتخابات الرئاسية بفارق ضئيل جدا، وهو ما كان يستلزم منهم مد جسور التعاون مع التيار المختلف، واتهمهم بالتقوقع على الذات وبأنهم “جماعة إسلامية وليس جماعة مصرية”.
وعن تعامل التيارات العلمانية والليبرالية مع الثورة، يقول ضيف حلقة (2023/6/18) من برنامج “المقابلة” إن هذه التيارات لم تدخل ما أسماه غمار التحدي الفكري العميق للاشتباك مع تيار الإخوان المسلمين، فضلا عن احتمائها بالدولة وتحديدا بالجيش المصري.
أما بالنسبة الجيش المصري فهو مؤسسة قوية ومدركة لمصالحها، وكانت الأحداث أقوى وأعتى منها في البداية، لكنها عرفت كيف تتدارك الوضع، وأطاحت برأس النظام والتخلص من فكرة التوريث، مع محاولة لجم الحراك الشعبي، مشيرا إلى أن التخوف من الناس موجود في جينات الدولة المصرية الحديثة، فمنذ ثورة 1952 وتأسيس الجمهورية كانت هناك محاولات لعزل الجمهورية عن الجمهور.
ويرى أن مأساة الجمهوريات العربية أنها جمهوريات مبنية على فكر شعبوي، ولكن الشعب غير موجود فيها، والرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر كان محبوبا من الشعب، لكنه لم يكن مطمئنا لأن ينظم الشعب نفسه في نقابات وتكتلات وجمعيات، ولذلك جرفت كل التنظيمات التي كانت موجودة في الفترة الليبرالية؛ الجامعات والنقابات والأحزاب والصحافة، ولا يستغرب عند الوصول لعام 2011 لأن الناس ليست لديها مهارات تمكنها من بناء تحالفات.
لجنة توثيق الثورة
ومن جهة أخرى، يتحدث الأكاديمي المصري عن لجنة توثيق الثورة المصرية التي كُلف برئاستها عام 2011، ويقول إنه اشترط شرطين من أجل الموافقة: أولهما أن أي مادة يتم تجميعها تكون متاحة للجمهور، وثانيهما أن تشكيل اللجنة يكون بالاستعانة مع دار الوثائق، مبرزا أن عدة تحديات واجهت اللجنة بعد تشكيلها؛ أبرزها كان في كيفية التأريخ للحدث الثوري، وهل الثورة انتهت يوم تنحي مبارك أم بدأت؟ وما إرهاصات الحراك المصري؟ وغيرها من التساؤلات.
وانطلقت الشرارة الأولى للثورة المصرية يوم 25 يناير/كانون الثاني 2011، وفي 11 فبراير/شباط من العام نفسه أطاحت بنظام الرئيس الراحل حسني مبارك (1981-2011).
ويذكر أن المؤرخ والأكاديمي المصري ولد في القاهرة عام 1965، ونال شهادة البكالوريوس في الاقتصاد ثم نال الماجستير في العلوم السياسية بالجامعة الأميركية بالقاهرة، لينتقل بعدها إلى جامعة أوكسفورد لدراسة التاريخ، حيث تحصل على درجة الدكتوراه عام 1993، كما تنقل أستاذا ومعلما بين عدد من الجامعات العالمية، وعاد بالتزامن مع أحداث الثورة المصرية.
ويعد فهمي واحدا من أهم المؤرخين المصريين وله عدة كتب من بينها: “كل رجال الباشا” وكتاب “السعي للعدالة: القانون والطب الشرعي في مصر الحديثة”.