قال لي صديقي “المخدوع” انكم يا كيزان سبب هذه الحرب وانتم من تديرونها الآن حتى تعودوا إلى السلطة !!! وهذا الجيش هو جيش الكيزان بمن فيهم البرهان!!..
قلت له انت رجل عاقل ولكنك للأسف قابل للإنقياد والتبعية مع القطيع الاعمى بلا وعي ولا تفكير مستقل ..! قال لي كيف تتهمني بذلك !! قلت له اولا يا اخي لو أن الكيزان هم سبب افتعال هذه الحرب كي يعودوا للحكم فلماذا لم يقاتلوا المتظاهرين العزل عندما ثاروا على نظامهم في ثورة ديسمبر ٢٠١٨ بدلا عن قتال قوات الدعم السريع المتمردة الآن ؟ ولماذا قبل البشير التنازل عن الحكم دون إراقة دماء في ٦ ابريل ٢٠١٩ وأوصى البرهان أن يبقوا على البلد عشرة ؟ ثم ذهب معظم قيادات النظام إلى السجون وخضع معظمهم لمحاكمات ، وبعضهم لم يحاكم بتهمة حتى الآن ؟ لا يعقل أن يفرط تنظيم حاكم في الحكم (بدون خسائر) ثم يعود لاسترداد هذا الحكم مرة بعد أربعة سنوات ( بكل هذه الخسائر ) في الأرواح والممتلكات والموارد والانجازات التي صنعوها طوال ثلاثين عاما!!
ثانيا : لماذا استجاب أعضاء اللجنة الأمنية المنقلبين على البشير بالتنحي ولم يقاوموا مطالب الثوار في اعتصام القيادة ليتولى البرهان وحميدتي قيادة مجلس السيادة ؟؟ بينما كان بإمكانهم استخدام القوة التي في أيديهم لمنع التغيير..
ثالثاً: قلت لي أن البرهان كوز ! .. أليس البرهان هو ذلك الشخص غير المعروف الذي أتى به الثوار ومعهم ابراهيم الشيخ – القيادي بحزب المؤتمر السوداني وممثل الحرية والتغيير أمام القيادة واختاروه لقيادة المجلس العسكري ؟ الم يشترك مع حكومة حمدوك هو وياسر العطا في كل القرارات التي سجنوا بها قيادات الإسلاميين وصادروا ممتلكاتهم عبر لجنة ازالة التمكين.. !! فكيف يكون الآن كوز؟
رابعاً: ألم يوقع حميدتي ممثل المجلس العسكري مع الحرية والتغيير على الوثيقة الدستورية التي حكموا بها كشريكين مدة سنتين وقاموا بإزالة تمكين الكيزان من مختلف مؤسسات الدولة بمن فيها القوات النظامية جميعها ؟
خامسا : كيف تختزل كل تلك المراحل والأحداث وبالمواقف لتعود من جديد وتقول لي أن ( الجيش هو جيش الكيزان ) ، وان البرهان كوز ؟ اذا كان البرهان كوز فحميدتي كوز أكثر منه لأنه كان صنيعة البشير ومكان ثقته التي يفخر بها .. ومن باب أولى إذا كان الجيش – الذي عمره مئة عام – جيش كيزان فالمنطق يقول أن الدعم السريع تم صناعته في عهد الكيزان .. مالكم كيف تحكمون!!؟ اذا كان البرهان كوز فإن إبراهيم الشيخ الذي عرف به الشعب السوداني كوز ، وكل قيادات الحرية والتغيير الموقعين على الوثيقة الدستورية وغير الموقعين كيزان ايضا ..يا اخي ..انت لا تعرف قدرات الكيزان ولا تعرف كيف يديرون أمورهم ويدبرون شؤون البلاد في أوقات الأزمات .. فلو حدثت الحرب هذه في عهد الكيزان لرأيت العجب ..قول لي كيف ؟ ( لو تفتح عمل الشيطان ) .. لكني أقول لك هذا الكلام استناداً إلى تجارب سابقة ومواقف حقيقية حدثت في عهد نظام الإنقاذ مثل ( التصدي لمتمردي جنوب السودان الذين وصلوا بسبب إهمال الأحزاب للجيش الى تخوم ولاية النيل الابيض ، التصدي لحركات دارفور المتمردة ، الأحداث التي صاحبت موت د. جون قرنق ، التصدي لغزو حركة خليل ابراهيم لامدرمان … الخ ) .. نظام الإنقاذ كان وراءه تنظيم حقيقي لديه خبرة وكوادر مؤهلة ذات خبرات عديدة وقواعد شعبية عريضة ، وقدرة على إدارة الأزمات والطوارئ وتشكيل التحالفات ، ومواجهة التهديدات المسلحة المدعومة خارجيا مثل عمليات الأمطار الغزيرة في ( ١٩٩٧ م ) التي انطلقت من ثلاثة دول مجاورة برعاية أمريكية إسرائيلية في أربعة جهات متزامنة هي (جنوب السودان، جنوب كردفان ، النيل الازرق ، شرق السودان ) ، وقد تمكنت الدولة حينها بكل ثبات وتخطيط من إحباط ذلك المخطط الغادر عبر مشاركة واسعة من المجاهدين المساندين للقوات المسلحة الباسلة حتى تمكنوا جميعاً بفضل الله من صد العدوان على كافة هذه الجبهات بمن فيها المعارضة المساندة لهم من الداخل وفي فنادق الدول الخارجية .. فلو قدر الله ووقع تمرد الدعم السريع الذي نشهده اليوم في عهد الإنقاذ ، فسيكون تصرف نظام الكيزان كالآتي : اولا : الاجراءات الوقائية الاحترازية ( قبل وقوع الانقلاب ) :
*سيكون حميدتي محكوما بقيود لا تسمح له بتحقيق ما حققه بعد زوال نظام الإنقاذ من ( طموح وعمل سياسي ، زيادة ومضاعفة عدد قواته ، توفير عتاد عسكري كما ونوعاً … الخ ) .. بل كان حميدتي لا يدخل إلى مكتب الرئيس البشير في القصر الا نادرا ، وعند الضرورة فقط ..
* لن يكون لقوات الدعم السريع أي غلبة او وجود مؤثر في تأمين المرافق العامة ولا وجود كبير داخل المدن الكبرى.
* كان أقصى طموح له أن يحظى برضاء قائده البشير وتنفيذ أوامره وطلباته ..
* كانت استخبارات الجيش وجهاز الأمن والمخابرات الوطني قادران على التوظيف الجيد للمعلومات الاستباقية في إحباط مخططه قبل وقوعه وبأخف الأضرار .
* لن يسمح لحميدتي ببناء علاقات خارجية مباشرة خارج إطار الدولة .
* كان الضباط المنتدبين من القوات النظامية سيكونون قادرين على التحكم في حركة قواته والسيطرة على تصرفاتها .
ثانيا: الإجراءات الإيجابية ( بعد وقوع التمرد ) اذا قدر الله ووقع الهجوم الانقلابي من الدعم السريع في عهد الكيزان ، فإن الإجراءات والتدابير كانت ستكون كما يلي :
* بعد امتصاص الصدمة الأولى وتحرك قوات الجيش وقوات هيئة العمليات المتخصصة في حرب المدن لمواجهة قوات التمرد ، وتجريد حميدتي من رتبته العسكرية ، وحل قوات الدعم السريع ، وارجاع الضباط المنتدبين إلى وحداتهم . وستتحول الحكومة الى خلية أزمة وتكوين حكومات طوارئ على مستوى ولاية الخرطوم ومحلياتها ( تشرف على حفظ الأمن الداخلي وتوفير الخدمات واتخاذ القرارات الميدانية بالتنسيق مع اللجنة الأمنية في كل محلية .
* ستقوم “كتائب الظل” ( وهي كتائب إسناد مدني وليست قتالية ) بالمعالجة الفورية لاعطال الكهرباء والمياه والاتصالات وتشغيل الإذاعة والتلفزيون من محطات بديلة .
* وستقوم “كتائب الظل الطبية” بتشغيل المستشفيات والمراكز الصحية ومراكز غسيل الكلى وغيرها وتوفير الدواء لها .
* ستقوم كتائب الإسناد المدني بتشغيل مؤسسات الخدمة المدنية الحيوية لتلبي الحاجات الضرورية للدولة والمجتمع سواء مباشرة أو من مواقع بديلة .
* سيتم استنفار الدفاع الشعبي والشرطة الشعبية والمجاهدين وتسليحهم للمساعدة في تأمين الأحياء والأسواق والمنشآت العامة من أعمال النهب والسلب والتخريب ونجدة المواطنين.
* سترابط كافة عضوية حزب المؤتمر الوطني والأحزاب الشريكة إلى جانب جهود الحكومة في عملها لتحقيق أعلى درجات الاستقرار والطمأنينة ، ودعم جهود القوات النظامية.
* ستقوم اللجان الشعبية داخل الأحياء بحصر الأسر التي تحتاج إلى مساعدة لإنقاذها ومساعدتها ، وتوفير السلع والخدمات الضرورية والتبليغ إلى غرف الطوارئ بأي اعطال او مشكلات ، والتبليغ عن تمركزات المتمردين وأماكن تجمعهم والمنازل التي دخلوها والعمل على طردهم منها.
* سيقوم الأئمة والدعاة وخطباء المنابر بتوجيه من إدارات الدعوة بالدعاء والتضرع ، وستقوم خلاوي القرآن بإحياء الليالي بالذكر وقيام الليل والتهجد والدعاء بالنصر للقوات المسلحة والأمن والأمان للوطن والمواطن .
*ستقوم المنظمات الوطنية والخيرية ( التي تم حلها بواسطة لجنة التمكين) بتقديم خدماتها الصحية والإغاثية وغيرها للنازحين والمتأثرين بالحرب .
* سيتنظم الجهد الشعبي لدعم القوات النظامية بالخدمات الضرورية وستقوم اخوات نسيبة واتحاد المرأة والمتطوعات من عامة النساء بإعداد زاد المجاهد لتوفير الطعام للقوات النظامية المرابطة لتأمين كافة المواقع.
* ستقوم الإدارات الأهلية في العاصمة والولايات بإسناد المجهود الحربي ، ماديا ومعنويا ، وقطع الطريق على أي طابور خامس يزعزع الأمن القومي.
* ستنتظم جهود الدولة الرسمية والشعبية في إدارة ( الحرب الإعلامية ) جنبا إلى جنب لرفع الروح المعنوية للجيش والمواطنين وبث الطمأنينة والتوعية والإرشاد والتعبئة العامة ، والتوظيف الجيد لوسائل الإعلام المحلية والعالمية عبر مختصين مؤهلين لعكس الصورة الإيجابية الداعمة للجيش ، وكذلك عبر مواقع التواصل الاجتماعي .
* ستقوم الأمانة السياسية بحزب المؤتمر الوطني بالتواصل مع كافة القوى السياسية الوطنية والشريكة لتكوين جبهة وطنية عريضة لمساندة الجيش وتكون حاضنة قوية لقيادة الحكومة.
* سيقوم أعضاء البرلمان القومي وبرلمانات الولايات بلعب دور إيجابي في تعبئة جهود قواعدهم وتنويرهم لخدمة ومناصرة القوات المسلحة تجاه معركتها المصيرية .
* إدارة العلاقات الخارجية بشكل مدروس حيث ستعمل قنوات الحزب المختصة بإعداد الدراسات العاجلة وتحريك علاقاتها مع الجهات الخارجية لخدمة جهود الدولة الرسمية.
كل ما سبق هو شرف العمل السياسي والتنفيذي والاقتصادي والاجتماعي الذي يتميز به الإسلاميين الوطنيين وحلفائهم ، وهو من صميم عمل التنظيمات السياسية التي لها رؤية ولها قاعدة شعبية ولها قيادة مدركة لمسؤولياتها الوطنية ..
أما شرف ( الانجاز العسكري ) فهو شرف باذخ يريد الله أن يعطيه فقط للجيش السوداني العظيم بقوميته ووطنيته المعروفة ، شرف قام به الجيش لوحده بجهود رجاله البواسل ودماء شهدائه الابطال ، وتخطيط قيادته المتمرسة ذات الخبرة والقدرة التي لا تتوفر لكثير من جيوش العالم التي لم تواجه تحديات مماثلة ، فهذا الخطر والتحدي الذي واجهه الجيش السوداني ليس من السهل أن ينتصر فيه اي جيش آخر بسهولة فهي مؤامرة أعدت بدقة متناهية بدعم سياسي داخلي وإسناد خارجي ..حيازة هذا الشرف يستحقه فقط جيشنا لا سواه .. حتى لا يتاجر به أي كيان سياسي ولا اي حركة مسلحة ولا قبيلة ولا جهة ولا حتى مساندة دولة حليفة ..
ثم يأتي من بعد ذلك شرف من ساند الجيش في هذه المعركة التاريخية من أبناء الشعب السوداني الشرفاء بمختلف انتماءاتهم ، حيث ايضا كشفت هذه الحرب من هم الوطنيين ومن هم العملاء ، وتمايزت الصفوف ..وتبقى مواقف الكيزان أنهم دائمًا كانوا سندا ودعما للجيش بالمال والرجال والفكر ولم يكونوا يوما من الأيام خنجرا مسموماً في خاصرته ، ويشهد لهم التاريخ بذلك..