مصعب بريــر » أكملت الحرب التى تعرض لها السودان شهرها الاول ، ولم تتأثر القيم السودانية التكافلية فى استضافة الفارين من جحيم المواجهات التى اخذت للاسف طابع قتال المدن بابشع صورها وتداعياتها المهلكة على المواطن البسيط الذى لا حول ولاقوة له بها ، فسارعت الاسر لتحتمى بمعارفها فى الاحياء ذات الامان النسبى بحثا عن نعمة الامن والسلامة لاسرهم واطفالهم ..» هذا الواقع الجديد مقرونا بضغوط الحياة المعلومة والتى تضاعفت بفعل تداعيات الحرب والانفلات الامنى المعلوم ، مضافا له قلة حيلة الناس وضعفهم والقهر الذى عايشوه من توقف لنمط حياتهم اليومية ونهب مقتنياتهم بقوة السلاح وغيرها مما تحمله الانباء ، شكل ضغطا نفسيا هائلا على الافراد والاسر والاطفال ، وافرز بيئة محتقنة واعصاب مشدودة فصارت الحالة النفسية للاغلبية اقرب للانفجار والمشاكل مما يتطلب ارشادا نفسيا للمساعدة الناس على مقاومة هذه الضغوط الناشئة والقابلة للانفجار واعانتهم للسيطرة عليها ..» عرفت منظمة الصحة العالمية الصحة النفسية بانها حالة عقلية انفعالية مركبة دائمه نسبيا من الشعور بان كل شئ على مايرام ، والشعور بالسعادة مع الذات ومع الاخرين ، والشعور بالرضاء والطمأنينه والأمن وسلامة العقل والاقبال على الحياة مع الشعور بالنشاط والقوة والعافية ، ويتحقق فى هذه الحالة درجة مرتفعة نسبيا من التوافق النفسى والاجتماعى مع علاقات اجتماعية طيبة ..» بالطبع فإن الحروب لها افرازات صادمة على الصحة النفسية سواء على الافراد والمجتمعات وهو ما يسمى باعراض ما بعد الصدمة ، وحينما توسعت في القراءة عن الموضوع ، خلصت الى ان من الاثار الإيجابية القليلة ربما لحرب فيتنام ، انها اغنت مكتبة علم النفس بالمعرفة ، فقد تعرف علماء النفس في الغرب على الاثار النفسية المدمرة للحروب ، وبالتالي الصدمات والظروف الصادمة ، واثار تلك العوامل على من يعيش ظروف الحرب من ضغوط نفسية ، وتوتر ، وقلق ، وخوف من الحرب ومن مآلتها .. وصار معروفا لدى المختصين بان مثل تلك الاثار ليست آنية ، وتبرز اثناء ظروف الحرب فقط ، وانما تستمر وقد تظهر اثناء وبعد انتهاء المشاركة في الحرب او التعرض للظروف الصادمة ، ويطلق عليها اسم اعراض واثار ما بعد الصدمة .. بعد اخير :» لا بد من التنويه بأنني من خلال هذه المقالات لست هنا بصدد وضع دراسة متخصصة في علم النفس ، او تقديم تحليل نفسي يرصد الاثار النفسية لحرب تمرد قوات الدعم السريع بالسودان بصورة مهنية متخصصة ، وانما اردت فقط تسجيل ملاحظاتي من واقع مشاهداتي ومعايشتي للحدث ، وما املكه من معرفة حول أثر الصدمة والمصيبة على المواطن السودانى البسيط من واقع دراساتي في مجال العلوم الصحية ، والتى تشتمل تداعياتها النفسية القاسية تقريبا على مجموعة اثار خطيرة منها التوتر والقلق والاكتئاب ، والإحباط والياس والوهم المرضي ، واثار تلك المشاعر النفسية والجسدية على الانسجام والتماسك الاسرى المطلوب لمجابهة هذه الظروف والخروج الامن منها .. بعد تانى :علينا ان نتذكر فى مثل هذه الظروف كم نحن فى حاجة للتضحية من اجل تماسك الاخرين ، نحتاج للتسامح والتراحم وكظم الغيظ وتجاوز الصغائر ، ولنعلم بان هذه الفترة فرصة ممتازة لنتدرب فيها على ممارسة قيم الرحمة والتغافل عن الصغائر بين أفراد اسرتنا وجيراننا ، وان نمارس فضيلة سعة الصدر قدر المستطاع والتنازل عن بعض الخطوط التى رسمناها فى زمن السلم لصالح استدامة الحد الادنى من قبول الاخر تجاوزا لمبدا الفعل ورد الفعل السائدة سابقا باعتبارها أول خطوة لحلحلة المشاكل وتجلية القلوب ، نعم هى قضية صعبة ولكنها ليست مستحيل ، فاكثر حاجة ممكن تهون من صعوبتها علينا هى التغافل والرحمة والدعم المعنوى باعتبار ان الحالة التى نعايشها ليست هى الحالة الطبيعية التى تستوحب الفعل ورد الفعل .. ونواصل ان كان بالعمر بقية …اللهم لا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك ولا يرحمنا يا أرحم الراحمين اللهم أرحم والدى و والدتى المغفور لهما وسائر اموات المسلمين حسبنا الله ونعم الوكيل
الجمعة 19 مايو 2023م