(الوقت كالسيف، إن لم تقطعه قطعك) …هذه الحكمة تدل على أهمية الوقت في حياة الإنسان، وتنبه بشدة وصرامة إلى احترامه وعدم تضييعه وإهداره فيما لا يفيد.حظيت خلال هذا الأسبوع أن أكون ضمن الحاضرين لورشة (أثر إدارة الوقت في الخدمة المدنية) تحت شعار (الوقت هو الحياة) التي أقامتها المنظمة القومية لاحترام الوقت بالتعاون مع ولاية الخرطوم وخصت بها (المديرين العاميين والمديرين التنفيذيين وقيادات العمل الحكومي في الولاية)، وخاطبها والي ولاية الخرطوم أ. احمد عثمان حمزة، كما تحدث خلالها البروفيسور علي شمو الرئيس الفخري للمنظمة ودكتورة جميلة الجميعابي ممثلة المكتب التنفيذي للمنظمة، وقاد الدفة وكفى وأوفى بالحديث شارحا ومفصلا عن أهمية الوقت واحترامه الحاذق م. محمد عبدالله همت رئيس المنظمة وأمين أمانة التدريب والبحوث.. أعتقد إن مثل هذه الورش الدولة ونحن في أمس الحاجة إليها في هذا الوقت لما نحتاجه وتحتاجه بلادنا من الحراك في كل النواحي السياسية، الاجتماعية، الثقافية وغيرها، ولقد لفت الحادبون والمسؤولون عن منظمة احترام الوقت الأنظار لهذه القيمة وأهميتها ودورها في تقدم وازدهار البلاد، ولمس إهدار الوقت في دواخلهم الكثير من المواجع التي عايشوها وغيرهم في معاملاتهم اليومية في مؤسسات الخدمة العامة وغيرها من المؤسسات. تناولت هذه الورشة أهمية الوقت وكيفية إدارته واستثماره فيما يفيد ويحقق الأهداف والمرامي المرجوة، وأكد المتحدثون بكل الوضوح والشفافية أن أغلب المؤسسات الحكومية تهدر وقتها في المجاملات الاجتماعية التي تأخذ جزءا كبيرا من وقت الخدمة ووجهوا لها نقدا ذاتيا بتضييعه فيما لا يخدم العامة ويعود عليهم بالنفع، وشرحت وحددت مواضع الخلل والأسباب والدوافع التي أدت إلى ذلك، والتي يبدو أنها صفة موجودة وموروثة في الشخصية السودانية. من المؤسف حقا إن عدم الاهتمام بالوقت ظاهرة مألوفة لدى البعض منا في مؤسساتنا عموما مع ملاحظة تزايد هذه الظاهرة، وعدم مبالاة الكثيرين باحترامه. إن احترام الوقت والمواعيد سمة من سمات الشخصية الناجحة، وهو أساس النجاح وتحقيق الذات وله أهمية وقدسية في حياة الشعوب وهو نجاح المجتمعات لاحترامهم وتقديرهم للوقت وأي إنسان ناجح في الحياة عرف كيف يستثمر وقته ويضعه أمامه على أنه من أهم مقاييس التقدم للأفراد والمجتمعات، فالناجحون عادة هم من يعرفون كيف يُديرون حياتهم وأوقاتهم، وهذا يعني أنهم مُتحضرون في سلوكهم بالمفهوم الحقيقي لمعنى التحضر، لذا وجب احترامه ليعود عليهم بالنفع في حياتهم الدينية والدنيوية، ولكل عمل مُفيد لهم ولأسرتهم ومجتمعهم. إن استثمار الوقت واستغلاله والالتزام به وبالمواعيد ثقافة، عندما يعتاد الإنسان عليها تصبح من أهم وأجمل الأمور التي تؤثر على نجاح المرء واستمراره في تحقيق ذاته بشكل واضح، وتكون في مصلحته وخدمته، هذه الثقافة إذا لم تكن لدى الإنسان تجعله بعيدا عن مُسايرة الآخرين في تقدّمهم وتطورهم وتقف حجرة عثرة في تحقيق ما يريده ويصبو إليه المرء في الحياة.إن إهدار الوقت فيما لا يفيد يترك آثارا سلبية على مصالح البلاد والعباد، ويُحدث الكثير من الأضرار ويخلق حالة من اللامبالاة، وعدم الإحساس بالناس القائمين على مصالح غيرهم من البشر التي تتعطّل بسببهم وبسبب عدم إدراكهم بقيمة الوقت.من خلال هذه الورشة القيمة وجه والي ولاية الخرطوم أ. أحمد عثمان حمزة بإلغاء عبارة (تعال بكرة) في كل المؤسسات وإلزام الموظفين والعاملين بالحضور والانصراف وفقا لمواعيد الدوام الرسمي وإنجاز معاملات الجمهور في زمنها المحدد لها. ضمت هذه الورشة العديد من المديرين العاميين والمديرين التنفيذيين وبعض الإعلاميين والصحفيين ذوي الكفاءة والخبرات وما أظن يعجزهم تنفيذ وتطبيق قوانين وإدارة الوقت بصرامة في مؤسساتهم المختلفة. خرجت ورشة إدارة الوقت واحترامه القيمة بالعديد من التوصيات والمخرجات والتي لن يستعصى تنفيذها إذا وجدت الأذان الصاغية من جميع المسؤولين والذين على رأس مؤسساتهم في التنفيذ والتطبيق الصارم حتى نستطيع أن نلحق بركب الأمم المتقدمة والمتحضرة التي تعطي للوقت قيمته.