كادقلي : تقرير خاص كواليس
لا شك أن ولاية جنوب كردفان تعتبر آخر الولايات السودانية فى الحدود مع دولة جنوب السودان وتواجهها العديد من التحديات المتمثلة فى كميات اللاجئين التى تفوق ال 40 ألف بالإضافة إلى النزوح بسبب الحرب أو النزاع والصراع القبلي بالمنطقة بجانب الوجود للحركة الشعبية شمال قيادة عبد العزيز الحلو والتى لا تزال تحمل السلاح ودخولها لبعض المناطق فى الفترة الأخيرة ليس بقوة السلاح وإنما بتمدد ناعم جراء عمليات وقف إطلاق النار المتكررة وحالة اللاحرب واللاسلم التى تعيشها الولاية والهشاشة الأمنية والأوضاع المتوترة فى المشهد السودانى علاوة على تقلص المساحات الزراعية والرعوية بسبب التردي الأمني وتدهور مشاريع التنمية والخدمات بالمنطقة بالرغم من أنها زاخرة بالخيرات فى باطن وظاهر الأرض وبالتعدد والتنوع الثقافى والإثني والديني ونتيجة لهذه التحديات وعديد التقاطعات بسبب الإنتماء القبلي أو الحزبي ومجموعات الضغط من أبناء وبنات الولاية بالمركز وخارج البلاد والشلليات والتكتلات التى ترى أن لا يمر شيء لهذه الولاية إلا عبرها بإعتبارها الممسكة بمفاتيح وزمام الأمور فيها مما يصعب من مهمة إدارتها وحكمها على الولاة والمسؤولين المتعاقبين على قيادتها ونظرة البعض للوالي الجديد بأنه من خارج الإقليم وأنهم الأحق بهذا المنصب وأكبر تحدي هو عدم إنفاذ إتفاق جوبا لسلام السودان بالإقليم وعدم منح الولاية الدعم والتمييز الإيجابى لها من المركز لتجاوز آثار الحرب .
أقول هذا الكلام وبالأمس القريب قد وصل الوالي الجديد محمد إبراهيم عبدالكريم وتسلم مهامه والياً لجنوب كردفان فى المرحلة المقبلة خلفاً لموسى جبر محمود الذى أنهى تكليفه المجلس السيادي الإنتقالي عقب زيارة الفريق أول ركن شمس الدين كباشى عضو المجلس للولاية الشهر الماضي . إذاً هى ذات التحديات التى تواجه حقبة الوالي الجديد يضاف إلي ذلك أن فترته جاءت فى ظل ظروف صعبة ودقيقة يمر بها الوطن الذى أصبح فى مفترق الطرق بسبب التشاكس السياسى الداخلى والتدخل الأجنبي السافر في أدق تفاصيل الشأن السودانى ولعمري هي مسؤولية جسام تحدق بها هذه التحديات وتهدد مسيرتها ، ولكن الرجل بدأ عمله واثقاً من نفسه وقد ظهر هذا جلياً من خلال مخاطبته اليوم للقاء الفعاليات السياسية و المجتمعية بقاعة الشهيد فيصل بأمانة الحكومة بكادقلي بحضور الأمين العام للحكومة عبدالله عبدالرزاق ورئيس الجهاز القضائي بالولاية مولانا جيمس سليمان أنجلو ولجنة أمن الولاية وجهازها التنفيذي من المديرين العامين للوزارات والتنفيذيين للمحليات والإدارات الأهلية وقيادات الدين الإسلامي والمسيحي والشباب والمرأة والفرق الشعبية حيث قال الوالى بأنه جاء لقيادة أمر الولاية بذهن صافي وقلب مفتوح وإرادة وعزيمة وأكد بأن بدايته السليمة تنطلق من برنامج عمله الذى إحتوي على ستة عشر بنداً :
العمل على بسط الأمن وفرض هيبة الدولة وحماية المواطنين وممتلكاتهم . رتق النسيج الإجتماعي وإجراء المصالحات وإشاعة ثقافة السلام بين الناس . تطبيق ما جاء في إتفاق سلام جوبا وماورد فى المصفوفة المتفق عليها من تكوين حكومة من كفاءات وطنية فاعلة تتوفر فيهم صفات الأمانة والنزاهة والقبول والمهارة والإبداع حسب النسب الواردة . تمثيل المرأة تمثيلاً حقيقياً فى كل المناصب بالولاية حسب مصفوفة إتفاق سلام جوبا . تمثيل الشباب في إدارة الشأن العام وإشراكهم كل حسب مؤهلاته وقدراته والعمل على تأهيلهم وتدريبهم . الإهتمام بقضايا النازحين واللاجئين والعودة الطوعية ومعالجة وتوفيق أوضاعهم والمساعدة فى عودة نازحي لقاوة وحل مشكلاتهم . الإهتمام بالإدارة الأهلية وتفعيل دورها التاريخي والرائد فى خدمة الأهل وحلحلة مشاكلهم والمساعدة فى بسط الأمن والسلام ورتق النسيج الإجتماعي . وضع برامج واضحة ومجدولة لحل مشاكل التنمية والخدمات العامة فى التعليم والصحة والمياه والطرق والكهرباء وغيره . الإهتمام بالثقافة والإعلام والسياحة ورعاية الأدباء والفنانين والمبدعين والكتاب والحكامات والهدايين والفرق الشعبية وتسخيرهم للمساهمة فى أنشطة وبرامج الأمن والسلام ورتق النسيج الإجتماعي. تفعيل دور الرياضة الرياضيين ودعمهم فى كافة المجالات الرياضية المختلفة حتى تعود الولاية لسابق عهدها فى المنافسات القومية والإقليمية . الإهتمام برجال الدين الإسلامي والمسيحي والإستفادة من قدراتهم فى التوعية والإرشاد ونبذ خطاب الكراهية وبناء مجتمع متسامح يقبل الآخر ويتعايش بسلام وأمان . إصلاح شأن الخدمة المدنية بالتدريب والتأهيل ورفع القدرات ومنع ممارسة السياسة داخل دواويين الدولة وأن يكون المعيار فقط للكفاءة وليس القبيلة أو الوضع الإجتماعي أو السياسى ووضع الشخص المناسب فى المكان المناسب . الإهتمام بالإنتاج فى كافة المجالات الزراعي والحيواني والصناعي وغيره ودعم صغار المنتجين وتكوين الجمعيات التعاونية الإنتاجية والخدمية والجمعيات النسوية وتوفير التمويل اللازم لها عبر البنوك والمصالح والمؤسسات الأخرى . منع الإحتكاكات بين الرعاة والمزارعين وفتح المسارات وتوفير خدمات المياه والصحة لهم ولمواشيهم . الوقوف من جميع الناس على مسافة واحدة والجلوس مع كل فئات المجتمع والإستماع إلى مشاكلهم وآرائهم البناءة التى تخدم نهضة الولاية وتنميتها . مراعاة مصلحة المواطنين أولاً فى كل المشروعات التنموية والإستثمارية التى ستقام بالولاية مع تحسس رغبات وأشواق المواطنين . هذه الملامح دعمها بدعوة للقائد عبد العزيز آدم الحلو رئيس الحركة الشعبية شمال للحاق بالركب قريباً وأن حكومة الولاية تمد يدها لهم بيضاء وترحب بهم في أي وقت حتى نتشارك لبناء السودان الواحد الموحد .
ولم تمضي الإدارة الأهلية بعيداً فى كلمتها أمام الحاضرين عن جملة التحديات وفرص النجاح للوالي الجديد وهذا ما جاء على لسان حال ممثلها الأمير محمود عبدالله المراد أن الولاية مكلومة مليئة بالتحديات والتعقيدات. وحذر الوالي من الذين إعتادوا على دخول دواويين الحكام لمصالحهم الشخصية. ودعا إلى التعامل بحكمة مع مجتمع الولاية وإتاحة الفرصة للشعبيين للجلوس مع الحركة الشعبية للتحاور معها فى قضية الولاية . مؤكداً جاهزية الإدارات الأهلية إلى العمل مع الوالى الجديد لتجاوز التحديات وسند للحكومة والأمن بالولاية . ولم تبتعد ممثلة المرأة روضة كيلا عن هذا المنحي فأكدت بأن التحديات كثيرة وطالبت بالعدالة والحماية للمرأة التى تضررت من الحرب وإفرازاتها السالبة . فيما قطع ممثل رجال الدين الإسلامي نزار محمد توم بعدم وجود مشكلة في الأديان بالولاية . وشدد على ضرورة فرض هيبة الدولة وبسط العدل و معاقبة الجاني . ودعا الوالي إلى زيارة جميع المحليات والإستماع لأهلها . فى حين قال ممثل رجال الدين المسيحي المطران حسن عثمان جميس أنهم متعايشين وليس لهم أي صراع ديني بالولاية. وأكد بأن الولاية تمر بظروف صعبة تعقيدات عديدة تحتاج إلى إقامة العدل. وأشار إلى حاجة الناس إلى السلام المبنى على الحق الذى يشمل الجميع. مناشداً الأهل فى جنوب كردفان بمختلف فئاتهم ومكوناتهم بوضع الأيدي مع بعض في يد الوالي الجديد لتغيير المجتمع وبناء الولاية والمساهمة فى إستقرارها وعموم البلاد . هذه هى جملة التحديات وتبقى هناك حزمة من التساؤلات تشكل الإجابة عليها عوامل النجاح لفترة الوالي الحالي ومن أهمها ما مدى الجدية فى إنفاذ إتفاق جوبا لسلام السودان بالإقليم ؟ وما هو حجم الدعم الإتحادي الممنوح للوالي لإنفاذ برامجه ومشروعاته الموضوعة؟ وهل أهل الولاية كل فى مجاله يعملون على مساعدته أم عرقلة مسيرته؟ وهل قيادة الحركة الشعبية قيادة الحلو قادرة على مبادلة الوالي في خطابه التصالحي معها؟ وهل الأوضاع الراهنة بالبلاد تسمح وتتيح الفرصة لإستمرار الوالي وإنفاذ برنامجه؟ والإجابة على هذه الأسئلة وغيرها هي محور تجاوز التحديات وفتح آفاق النجاح للوالي الجديد محمد إبراهيم عبدالكريم لقيادة دفة الولاية إلى بر الأمان والسلام والتنمية .