» لأكثر من 5 آلاف عام ظلت رائحة “الحلو مر” تشكل أول مؤشر على قرب شهر رمضان، في السودان، حيث تحرص جميع الأسر السودانية على صناعة رقائق “الحلومر”، وهي عملية تكلف الكثير من الجهد والمال لكنها تشكل جزءا من الطقوس الرمضانية الأصيلة ..
» «الحلو مر» أو «الآبـرى» مشروب شعبي تقليدي متوارث عبر الأجيال في السودان ، يشرب عادة في شهر رمضان ويعرف الحلو مر بهذا الاسم لتفرده عن جميع مشروبات العالم الباردة والساخنة معا بجمعه الطعم الحلو والمر في مشروب واحد ..
» تنفرد مائدة إفطار شهر رمضان في السودان بأصناف مميزة في هذا البلد الشاسع دون غيره في محيطيه الإسلامي، وقد تم اكتشاف الحلو مر في النيل الأزرق عام 1833م بطريق الصدفة، وعلى الرغم من أن الكثير من التقاليد الراسخة في تراث الشعب السوداني اختفت نتيجة للمتغيرات العصرية المتلاحقة وغول العولمة الكاسح، إلا أن المائدة الرمضانية ما تزال تكافح لتحافظ على سماتها العامة التقليدية بأكلات ومشاريب شعبية أصبحت متوارثة عبر القرون مثل الحلو مر ملك هذه المائدة كما يحلو للسودانيين تسميته ..
» إعداد الحلو مر يمر بطقوس فريدة ويبدأ التحضير لها منذ شهور قبل حلول رمضان المعظم ، وهو في أساسه خليط من الذرة المخمرة والبهارات وبعض الأعشاب ، ويصنع من الذرة النابتة (خاصة من نوع الفتريتة وهي نوع من الذرة عند طحنها تعطي اللون الأحمر يتم تزريعها وطحنها ومن ثم تخميرها) ، ويتفق الجميع على الوصفة التالية لاعداد الحلو مر : «عيش (ذرة نابتة) زريعة والنصف الثاني يطحن، شمار، غرنجال عود (عرق) احمر، كمون، 2 وقية حلبة، والبلح في بعض المناطق في السودان يضاف للوصفة رطل عرديب، رطل كركدى» ..
» يحتاج إعداد المشروب المميز لعدة أيام حيث تبدأ النسوة التحضير لإعداده قبل شهر أو شهرين من حلول رمضان وتوضع الذرة على الخيش وترش بالماء لعدة أيام حتى تنبت ويخرج منها الزرع وتسمى هذه العملية محلياً بـ «الزريعة» ويقص الزرع بعد ذلك ويرمى، بينما تؤخذ الذرة النابتة وتجفف وتطحن وتطبخ في النار وتوضع معها البهارات ..
» وبعد ذلك تشكل على شكل رقائق في صاج على نار قوية وتسمى هذه المرحلة بـ «العواسة» ، وبعد ذلك تقوم النساء بتجفيف رقائق الآبرى وحفظها لحين اجل استخدامها ..
» عندما يبدأ الشهر الفضيل تنقع رقائق الآبرى في الماء وتصفى ويسمى محلولها «الحلو مر» على أن يحلى بالسكر ويشرب بارداً ، ومشروب الآبرى معقد في طريقة تصنيعه، ويحتاج لكميات كبيرة من السكر للوصول إلى طعمه المطلوب ..
بعد اخير :
على الرغم من حرص الأسر على إرسال شحنات من “الحلو مر” إلى أقاربهم في دول المهجر قبل وقت كاف من بداية شهر رمضان، إلا أن الفترة الأخيرة شهدت مبادرات نسوية في العديد من بلدان المهجر لتصنيع رقائق الحلومر في تلك البلدان ..
بعد تانى :
اِلـهي عَظُمَ الْبَلاءُ، وَبَرِحَ الْخَفاءُ، وَانْكَشَفَ الْغِطاءُ، وَانْقَطَعَ الرَّجاءُ، وَضاقَتِ الأرض، وَمُنِعَتِ السَّماءُ، واَنْتَ الْمُسْتَعانُ، وَاِلَيْكَ الْمُشْتَكى، وَعَلَيْكَ الْمُعَوَّلُ فِي الشِّدَّةِ والرَّخاءِ، اَللّـهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد، اُولِي الأمر الَّذينَ فَرَضْتَ عَلَيْنا طاعَتَهُمْ، وَعَرَّفْتَنا بِذلِكَ مَنْزِلَتَهُمْ، فَفَرِّجْ عَنا بِحَقِّهِمْ فَرَجاً عاجِلاً قَريباً كَلَمْحِ الْبَصَرِ اَوْ هُوَ اَقْرَبُ .. اللهم امين يارب العالمين
حسبنا الله ونعم الوكيل
اللهم لا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك ولا يرحمنا يا أرحم الراحمين
27 مارس 2023م
musapbrear@gmail.com