العام ٢٠١٨م يمضي بتثاؤب وثِقل نحو خواتيمه والأزمات الاقتصادية المصنوعة تغزل خيوطها (اللجنة الأمنية) بمكر في صراعها المُعلن غير الخفي ضد الجهازين التنفيذي والسياسي (الحزب /الحركة) والبلاد تكتم أنفاسها حد الاختناق والشعب يُهيأ لحدث غير معلوم .. في تلك الظروف كان الهم الشاغل لأمين شباب الحركة الإسلامية وحزب المؤتمر الوطني (ا.*محمد الأمين احمد)* المحاولة العصيّة والمستميتة في إختراق جدار الأزمة عبر (*مبادرة أمانة الشباب للإصلاح)* محاولة أشبه بصرخة في صحراء بيوضة ووصفة علاج مُر اهون علي المريض منها (الموت) حين يتوهم الشفاء بالطب البلدي والأعشاب ويكون طبيبه المُوثوق (البصيرة أُم حمد) وكم كُنّ كُثرٌ ذاك الأوان والجِرار تزحم المكان..
الاخ والصديق الأستاذ محمد الأمين أحمد من الجيل الخامس للإسلاميين (جيلنا) الذي شهد بواكير عمره وصرخة الطلق لمشروع الإنقاذ الوطني النهضوي ومراحل الطلب والدراسة الاولي وقد استقام ميسم التربية والتزكية والمدافعة بفصول مدرسة الجهاد ومعارك الفداء وملاحم التضحية .. ومنتصف التسعينات شهد معترك السياسة بالجامعات السودانية مُختبر التجارب وعنفوان التكوين والبناء الفكري والسياسي والتنظيمي حيث منهجيّة الحركة الإسلامية الماهرة والذكيّة في صياغة الفرد وتنظيم الجماعة وانتخاب الأفذاذ والعباقرة من شتي ضروب المعرفة والعلوم وإعداد أجيال الغد لميادين العمل وسوح العطاء والكسب والمدافعة..
نشأ محمد الأمين ..
في أكناف الحركة الإسلامية وظهرت مهارته القيادية وقدراته التنظيمية وهو رئيسًا لاتحاد ودالسائح الثانوية ثم قبوله بجامعة الجزيرة كلية الاقتصاد ولكنه اختار دراسة الادارة بجامعة أمدرمان الاهلية والتي قاد امانتها العامة (للحركة) بنجاح وتوفيق إذ تسلم التكليف من المؤسسين (الهادي احمد / دالطاهر الفادني/ الفريق انس عمر/طارق الكندي/ وعمر الشايقي) .مثّلت (ج الأهلية) مركزًا مهمًا لطلاب الأحزاب المعارضة وكوادر اليسار بعد اعلان تكوين (التجمع الوطني الديمقراطي) أسمرا يونيو ١٩٩٥م . فكانت لبنة التشكُّل ونواة التعرف علي افكار وقيادات تمثل طيف السياسة السودانية عبر الحوار والمدافعة . ذلك ما اهّله لقيادت اتحاد الشباب بالخرطوم ومن ثم تولّيه لاهم ملف وهو (*امانة الجامعات والمعاهد *) بالخرطوم إذ أظهر مهارات قيادية فريدة وحنكة فذّة وادارة صارمة دقيقة ومنضبطة وممارسة راشدة وإلتزام ذاتي عالي ..
وكأنما كانت الاقدار تعِدّ الرجل بتمهل وتصنع له مصيرًا جديدًا بعيدا عن كسبه التنظيمي السابق ونشاطه المشهود محل اجتماع كل من جايله ومن عمل معه .. فاختار ميدان الخدمة المدنية من اول السلم الوظيفي بالدرجة السابعة (*بمؤسسة وحدة تنفيذ السدود*) حيث تدرّج بالعمل بها في عدد من المواقع حتي انتهي به التكليف *مديرًا عامًا للوحدة و(مفوضًا)* خلال تجربة استمرت (١٥) عامًا مزج مهاراته السابقة وصهرت معدنه ونوّعت تجربته واضافت له الكثير كما اسهم خلالها عطاء وسعيا بالخير في الملف الاهم بالوزارة الاهم حينها .. مما سبق تشكّلت عناصر تجربته والتي ابرزته في نموذج القائد الغدوة والمثال المُبتغي تجلّت فيه عبقريّة التنظيم وحنكة رجل الدولة ..
الأجيال التي نشأت وتربّت في حقبة الإنقاذ توفرت لها ظروف موضوعيّة جيدة في التدريب والتأهيل والإعداد القيادي الاداري والمهني والسياسي التنظيمي ونضجت تجربتها وقوي عودها بالممارسة العملية والتسلّح العلمي من خلال دواوين العمل بالمؤسسات العامة والخاصة وأسهمت بشكل كبير في إدارة دولاب الدولة وقادت مبادرات ضخمة في مجالات العمل الطوعي عبر المنظمات والاتحادات ونهلت من تجارب عتيقة وراسخة في الخدمة المدنية فضلًا عن حظوتها بمعايشة قادة النهضة في مشروعات التنمية وملاحم الاعمال والمشروعات الاقتصادية الكبري وارتبطت بالقيادات التاريخية والتنظيمة في مجال الفكر والسياسة والعلاقات .
(نواصل ان شاء الله)..