على النقيض من تعهُّداتها بعد السيطرة على كابول العام الماضي، منعت طالبان الفتيات من التعليم بعد المرحلة الابتدائية، وفرضت زيًّا محددا للنساء، وضيَّقت المجال العام، وهو ما أثار تساؤلات حول المدى الذي ستذهب إليه طالبان في هذا الصدد، وتداعيات ذلك على الشعب الأفغاني ومدى دعمه أو ثورته على الحركة. حول هذه الأسئلة وأكثر، أعدَّت ديبالي موخُباذياي، أستاذة مشاركة في السياسة العالمية بجامعة مينِسوتا وخبيرة بارزة في معهد الولايات المتحدة
عودة العمائم
يعود صعود طالبان إلى عام 1989، عندما طردت قوات المجاهدين المُقاوِمَة السوفييت وأطاحت في النهاية بالنظام الشيوعي في كابول. ومع ذلك، أثبتت المقاومة عجزها عن تشكيل حكومة مُتماسكة قابلة للاستمرار، وسقطت البلاد في حرب أهلية وحشية. لقد وُلِدَت طالبان من ثنايا هذه الفوضى، ويُشاع أن مؤسس الحركة، “المُلا عمر”، ذاع صيته عندما ثأر مع جماعة من الطلاب لفتاتين تعرَّضتا للخطف والاغتصاب في قندهار عام 1994. وبعد عامين، كانت طالبان قد بسطت حكمها على معظم أفغانستان. وسرعان ما ابتعدت إمارة طالبان كما سُمِّيَت عن كل أشكال الحكم الأفغانية السابقة، الشيوعية أو الجمهورية أو الملكية على السواء.
فرضت الحركة قانونا اجتماعيا خاصا بها، إذ خلطت أدوار الشيوخ والحُكَّام وضُباط الشرطة معا في قوة واحدة مُرعبة، كما حظرت المرأة من الحياة العامة، وضيقتها على الرجال لتتجاوز بالكاد أداء الصلاة وتطبيق العقوبات. وحتى مع توسُّع الحركة في شتى أنحاء البلاد، ظل قادتها وتابعوهم يُعبِّرون عن شريحة سكانية ضئيلة من شباب الريف غير المُتعلِّمين من عِرقية البشتون، وقد ترعرع الكثير منهم في مُخيَّمات اللاجئين والمدارس الدينية على الحدود مع باكستان.
في غضون ذلك، أثبتت طالبان أن علاقاتها الخارجية محدودة بالقدر نفسه، وأنها محصورة في شبكة صغيرة من العلاقات مع المؤسسة الأمنية الباكستانية والنخبة السعودية وتنظيم القاعدة، وفي وسط تلك العزلة عن العالم، أحكم النظام قبضته على البلاد، وهي قبضة كانت مُحكمة ولكن هشة. بطبيعة الحال، كتب دور طالبان في استقبال تنظيم القاعدة بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول شهادة وفاة نظامها، فحين رفضت الحركة تسليم المدبرين والمقاتلين المجاهدين، استحوذت الولايات المتحدة على المدن الرئيسية بالبلاد في غضون أسابيع.