يوم أمس حبست الخرطوم أنفاسها ولم ينم معظم شعبها طيلة ليلة البارحة، نتيجة للمعلومات المتواترة عن تحرك واستعداد عسكري و(ما أكثر العسكر والجند في خرطوم الثورة).
رغم أن الله لم يفتح على السلطات الأمنية بتصريح حول التحرك بالإثبات أو النفي كما ظل يفعل الناطق الرسمي بإسم القوات المسلحة العميد نبيل الذي إعتاد على التصريح والتبرير في سفاسف الأمور.
راعي الضأن في بادية كردفان يعلم مدى التوتر بين الجيش والدعم السريع الذي وصل لمرحلة الحرب الكلامية والملاسنات بين قائد الجيش البرهان وقادة الدعم السريع حميدتي وبين كباشي والعطا من جهة وعبد الرحيم دقلو من جهة أخرى، ووصل الأمر لمطالبة الأخير لقادة الجيش بتسليم السلطة للشعب بدون لف أو دوران!!.
نهار أمس خاطب حميدتي قواته التي رفعت له التمام بالجاهزية رغم أن الزيارة كانت (صدفة) كما قال حميدتي، و(ما أجمل الصدف) أعقب ذلك إستعداد للجيش وإنتشار ورفع حالة التأهب القصوى نتيجة لمعلومات عن تحرك عسكري!!.
ولأن المعلومات في بلادي أصبحت على قارعة الطريق، فقد سارت بخبر (الكتمة) ركبان الوسائط الإجتماعية ليلة البارحة وظلت المعلومات تترى عن جاهزية كل طرف وتربصه بالآخر.
نتيجة للثورة المصنوعة تحولت الخرطوم لثكنة عسكرية فأصبح لكل موتور جيش ولكل مرتزق كتائب ولكل متمرد قوات ولكل مغبون فيلق، ولكل عاطل مليشيا، فإذا حدثت (الكتمة) وهي واقعة لا محالة، فحينها لن يعرف المقتول قاتله ولا المختطف خاطفه..
كما قال الفريق ياسر العطا فليس هنالك دولة محترمة لها أكثر من جيش!! لذا فمن الطبيعي أن يفكر كل صاحب سلاح في الوصول للسلطة وتصفية حساباته مع من يخالفه الرأي، ففي عهد المدنية أصبحت البندقية هي الوسيلة الوحيدة للوصول للقصر.
المعلومات المتواترة إن صحت فإنها تؤكد الإستعداد ل(كتمة كبيرة) وحرب المدن أو حرب العصابات عبر الناقلات والمواتر وأن هنالك قائمة جاهزة للتصفيات!!.
على من يعدون العدة للصراع المسلح أن يعلمو أن الخرطوم الآن تضج وتعج بالسلاح والقوات المدربة فإذا إنطلقت قذيفة واحدة فلن يتوقف القتل وحينها لم ولن ينجو أحد مهما كانت حمايته أو قواته!!.
للأسف فالبلاد أصبحت تفتقد للكبير وغاب عنها العقلاء وأصبحت ساحة لصراع النفوذ والأطماع الشخصية وأصبح الحوار فيها حوار القوة وقعقعة السلاح.
المشكلة الآن ليست في الجيش ولا في الدعم السريع، وليست في دمج الدعم السريع أو تركه.. المشكلة ليست في الحكم المدني أو العسكري، المشكلة الحقيقية في البرهان وحميدتي وشقيقه فطموحاتهم الشخصية وتمسكهم بالسلطة وصراعهم عليها هي السبب الرئيسي في الصراع الواضح والتوتر الخفي الذي تشهد البلاد.
على البرهان وحميدتي وشقيقة أن يعقلوا ويعلموا أن الخاسر في صراعهم هو الوطن وأنهم لم ولن يكونوا بمعزل عن مرمى النيران إن حدثت (الكتمة).
ألا هل بلغت اللهم فاشهد..