آثارت زيارة الفريق شمس الدين كباشي لجبال النوبة أو جنوب كردفان ولمدة أسبوع جدلا واسعا في الساحة السياسية مابين ناغم ومباغض للرجل ومابين مؤيدا له وداعما لمنهج قديم متجدد اختطه العسكر منذ جعفر نميري والبشير في مخاطبة قضايا الناس وحل مشاكلهم وتحسس آلامهم مواجعهم من حيث هم يقيمون في القرى والارياف والفرقان والكراكير والصحاري والتخوم النائية
جاءت زيارة كباشي لجنوب كردفان كأنه مودعا الساحة السياسية التي تمخضت وولدت اتفاقا سياسيا بين فرقاء الحرية والتغير باسم الإعلان السياسي الذي برعت ( القابلات) من مبعوثي الترويكا إخراجه مابين أنين الأم واوجاع الأب وتحت تلك الضغوط والاغراءات والحوافز والخوف والجزع باع الرجال الفرقاء في رابعة النهار الاغر وكشفت الايام عن ضعف القيادات أمام الكفلاء الأوروبيين والرعاة من مشايخ وممالك الخليج وباعت أمريكا مصر بالإمارات وتناست دور مصر التاريخي في المنطقة
في هذه الأجواء السياسية خرج شمس الدين كباشي إلى جبال النوبة وحده من غير وزير المالية والطرق والصحة والتعليم ولكن الوفي المهندس محمد كرتكيلا كان رفيقا واخا لابن عمه كباشي في أهم زيارة وأطول جولة يقوم بها مسؤل كبير في الدولة للقرى المنسية والولايات النائية منذ سقوط الإنقاذ قبل أربعة سنوات ولم يسبق الكباشي الا الفريق محمد حمدان دقلو الذي خرج إلى غرب دارفور قبل عام من الآن غاضبا حتى اضطر فوكلر الطيران إلى الجنينه ولقائه هناك ثم عودته ليقود دقلو البرهان وبقية الساحة إلى حيث هي الآن من توافق على تشكيل حكومة جديدة وانسحاب العسكر من الساحة مما يجعل زيارة الكباشي إلى الدلنج وكادقلي وكالوقي والترتر هى الأخيرة لها وقد وصفت الزيارة بأنها حسن الخاتمة لرجل أوفى بكل وعوده لأهله وللسودان مما جعله محل تقدير واحترام غالبية هذا الشعب بل تمنى كثير من أهل السودان أن يقود هذه البلاد المنكوبة قائدا مثل شمس الدين مظهرا ومخبرا
جاءت الزيارة في تلك المناخات واجتمعت قلوب أكثرية أهل الإقليم حوله بالحشود الكبيرة التي فاضت بها ميادين الحرية في الدلنج وكادقلي والترتر والهتافات المؤيدة للرجل والداعمة وذلك لسببين الأول موضوعي والثاني عاطفي ولكن دعنا نبدأ بالسبب العاطفي المتمثل في احساس الجماهير في جبال النوبة أو جنوب كردفان بأن ابنهم مستهدفا وقد بدأ الاستهداف مبكرا بمحاولة إلصاق تهمة فض الاعتصام وتقتيل المعتصمين به وحده وتبرئة آخرين من أعضاء قيادة الجيش بعد الثورة ثم تسخير أبواق الدعاية السوداء ونشر مافي النفوس المريضة كما فعل عشاري أحمد محمود عبر مخطوط البازنقر وجاءت حادثة الحتانه لتكسب الرجل شعبية وتوحد أهله في جنوب كردفان عربا ونوبه وفلاته وبرقو خلفة ومن ثم جاءت معركة حميدتي والمسيرية لتضيف الكثير من الداعمين والمؤيدين لاحساسهم بأن هناك مؤامرة تحاك كل يوما لإبعاد شمس الدين من دائرة التأثير
اما الأسباب الموضوعية فهي تتمثل في الخطاب المعتدل للرجل بلا شطط أو إساءة لجهة وانحيازه المطلق للقوات المسلحة ودفاعة عنها حتى آخر لحظة وتمسكه ببقاء القوات المسلحة موحدة ومدمج بها مليشيات الحركات المسلحة وقوات الدعم السريع وهذا الموقف جعل الكباشي أقرب لوجدان الناس
ولاهل جبال النوبة قدم الكباشي طريقا يمتد ل٤١ كلم مترا من الدلنج العاصمة الثقافية للإقليم إلى هبيلا أكبر منطقة زراعية في السودان بعد القضارف وتساهم بنحو ٤٠ في المائة من قوت أهل السودان وشاهد الناس آليات شركة زادنا للطرق تشق الأرض وترصف الكيلو متر الأول وهو طريق حيوي وهام ظل حلما يراود المزارعين من سبعينات القرن الماضي حينما خططت مشاريع الزراعه الآلية وقدم كباشي ١٢ عربة وبص لنقل الأساتذة وطلاب جامعة الدلنج العريقة وشيد قاعة وأعلن عن إقامة معهد تدريب مهني في محلية القوز باسم الراحل الناظر بقادي محمد حماد وبدأت عمليات صيانة الطريق القومي الأبيض الدلنج بجهد من الهيئة القومية للطرق التي يقودها المهندس جعفر في ظروف بالغة الدقة والتعقيد ومثل هذه المشروعات التي بدأ الكباشي تنفيذها افتقدها بلادنا خلال الأربعة سنوات الماضية وانشغل الساسة بالعراك السياسي
ولهذه الأسباب وغيرها خرجت كادقلي كأنها لم تخرج من قبل لاستقبال الكباشي والاصغاء إليه والهتاف سندا له مما أثار حفيظة إبراهيم الشيخ واخذته الغيرة وهاجم شمس الدين وهو لايدري بأن هجومه على الكباشي بسبب هذه الزيارة سيفقده وحزبه اي تعاطف من أهل إقليم جبال النوبة وينتظر إبراهيم الشيخ الانتخابات أن كانت هناك انتخابات وحينها لو عرض الشيخ وحزبه في سوق الجماهير لن يشتريه أحدا ولو بسعر ملوة (كول)
كان الكباشي قريبا من الناس بعيدا عن الهتر والسياسة خاطب مشاغل المزارعين والرعاة والطلاب والمرأة وتفحص الشعارات التي رفعتها الجماهير وقاد مشروعا للتصالحات القبلية والتعافي المجتمعي وبكل أسف الكثيرين هنا في المركز يسؤهم ذلك ولنا عودة