وكالات: كواليس
نجح باحثون بتصميم أول “دواء حي” -أي علاج مكون من خلايا حية- لعلاج عدوى الرئة، ويستهدف نوعا من البكتيريا التي تقاوم المضادات الحيوية، مما يفتح المجال لابتكار أدوية جديدة يمكنها علاج أمراض أخرى.
وأجريت الدراسة بقيادة باحثين من مركز التنظيم الجينومي the Centre for Genomic Regulation (CRG)) في إسبانيا بالتعاون مع مؤسسات بحثية أخرى، ونشرت في مجلة “نيتشر بيوتكنولوجي ” (Nature Biotechnology) في منتصف يناير/كانون الثاني، وكتب عنها موقع “” (EurekAlert).
وأجريت الدراسة على الفئران، وتبين أن الدواء قلل من العدوى الرئوية لدى الفئران بشكل ملحوظ.
الابتكار الجديد يهدف لعلاج بكتيريا الزائفة الزنجارية (Pseudomonas aeruginosa) التي تقاوم بطبيعتها عددا كبيرا من المضادات الحيوية.
تضمن العلاج استخدام نسخة معدلة من بكتيريا المفطورات الرئوية (Mycoplasma pneumoniae) -ولذلك سمي العلاج بدواء حي- النسخة المعدلة تفتقد القدرة على التسبب بالأمراض وقادرة على مهاجمة الزائفة الزنجارية، هذه النسخة تستخدم جنبا إلى جنب مع جرعات منخفضة من المضادات الحيوية التي لن تكون قادرة على العمل وحدها.
اختبر الباحثون فعالية العلاج على الفئران ليجدوا أنها تقلل من عدوى الرئة وتضاعف معدل البقاء على قيد الحياة، وذلك بعد أن قارنوا بين نتائج الفئران التي تم علاجها وتلك التي لم تتلق العلاج.
بعد إعطاء جرعة واحدة كبيرة لفئران المختبر لم تظهر أي علامات سمية (أي تسمم وحدوث مضاعفات) في الرئة، وبمجرد انتهاء فترة العلاج فإن مناعة الجسم الطبيعية تقوم بتنظيف ما تبقى من البكتيريا المعدلة خلال فترة 4 أيام.
يصعب علاج العدوى بالزائفة الزنجارية، لأن هذه البكتيريا تعيش في جماعات متكدسة فوق بعضها البعض وتكون شرائط حيوية (biofilms).
والشرائط الحيوية هي طبقة رقيقة لكنها قوية تلتصق بسطح صلب وتحتوي على تجمعات من البكتيريا والكائنات الدقيقة الأخرى. تلتصق الشرائط الحيوية بالأسطح المختلفة داخل الجسم لتكون جسما غير قابل للاختراق، الأمر الذي يمنع المضادات الحيوية من الوصول إليها.
الشرائط الحيوية التي تكونها الزائفة الزنجارية تنمو على أسطح الأنابيب داخل الرغامي (endotracheal tubes) التي تستخدم في أقسام العناية الحثيثة للمرضى الذين يحتاجون إلى أجهزة تنفس اصطناعي.
وتسبب هذه البكتيريا داء ذات الرئة المرتبط بجهاز التنفس الاصطناعي (ventilator-associated pneumonia) وهي حالة تؤثر على مريض من كل 4 مرضى يحتاجون للتنفس الاصطناعي. وتقتل هذه الحالة مريضا من كل ثمانية.
جهز الباحثون المفطورات الرئوية بما يساعدها على إذابة الشرائط الحيوية، وذلك من خلال إعطائها القدرة على إنتاج مواد مختلفة تتضمن مادة البيوسين، وهي مادة سامة تنتجها البكتيريا بشكل طبيعي.
ولاختبار فعالية هذا العلاج الحي جمع الباحثون “الزائفة الزنجارية” من أجهزة التنفس الاصطناعي الموجودة داخل أقسام العناية الحثيثة، ليجدوا أن الدواء اخترق بشكل فعال الحاجز الذي تصنعه البكتيريا وأذاب الشرائط الحيوية التي تصنعها.
تقول الباحثة الدكتورة ماريا لوش إن العلاج يحدث ثقبا في جدار الخلية، الأمر الذي يمهد الطريق للمضاد الحيوي كي يغزو البكتيريا ويبيدها.
ويعتقد الباحثون أنهم بذلك يقدمون إستراتيجية جديدة واعدة يمكن من خلالها معالجة سبب مهم من أسباب الوفيات داخل المستشفيات.
وسيواصل الباحثون اختباراتهم قبل وصول هذا الدواء الحي إلى التجارب السريرية، ومن المتوقع أن يتم تقديم العلاج للمرضى باستخدام جهاز بخار يقوم بتحويل الدواء السائل لرذاذ يتم استنشاقه عن طريق الفم أو باستخدام قناع الوجه.
وتفتح الدراسة الأبواب للباحثين لابتكار سلالات جديدة من البكتيريا التي يمكنها علاج أنواع أخرى من الأمراض الرئوية كالربو وسرطان الرئة.
كما يمكن تعديل البكتيريا لتحمل مواد مختلفة، سواء كانت هذه المواد سيتوكينات أو أجساما نانوية أو دفاعية، الأمر الذي يهدف إلى تنويع ترسانة البكتيريا وإطلاق العنان لإمكانيتها العلاجية.