تم إطلاق مسمى المبادره المصرية وهي في الواقع أفضت إلى دعوة عدد من القوى السياسية المتجانسة من أجل التفاوض لتجسير بعض الخلافات البسيطه فيما بينها من خلال الإتفاق على رؤيا سياسية موازية للإتفاق الإطاري تعبر عنها كتلة سياسية معتبرة ذات بعد جماهيري تستطيع أن تفرض واقعا جديدا وإعادة تشكيل الساحة السياسية وإيجاد توازن للقوى على الأرض بمسانده مصريه ومن خلفها أمريكا.
من المعلوم بالضروره ان الأوضاع السياسية في السودان وصلت مرحلة من السوء وانسداد الأفق السياسي ما يجعل اي محاولات من اي جهة كانت يمكن ان تسهم ولو بقدر لإستعادة الرشاد للعملية السياسية ستجد دعم من الذين تم إقصائهم، خاصة وان أقليات اليسار التي بدأت في إمالة الكفة السياسية لمصلحتها لا تتحرك في ذلك إلا بقوة الدفع الدولية والاقليمية، لذلك إلتقطت القوى السياسية والاجتماعية الأخرى إلتقطت القفاز وشكلت المبادرة المصرية ما تبحث عنه وإيجاد سند مصري أمريكي يجعلها في توازن قوى مع المجموعة الأخرى.
جاء تدخل مصر في هذا التوقيت ليخدم المصالح الأمريكية في المقابل الأول في الفضاء الافريقي الذي يشهد عنفوان ومعارك ونفوذ بين اللاعبين الكبار روسيا والصين، وهنا لابد من الاشاره الي ان استراتيجية الأمن القومي الأمريكي ترتكز على قطع الطريق على تمدد الصين اقتصاديا في افريقيا، ومحاولات سيطرة روسيا على عدد من الدول من خلال تنصيب انظمة موالية لها، لذلك تبحث مصر إلى استعادة اعتماد أمريكا عليها في إعادة هندسة اقليم او الفضاء الافريقي الذي تتحرك فيه لقطع الطريق على هذه الدول وما زيارات قادة الادارة الأمريكية السياسية والعسكرية والاستخبارية إلا لتحريك الدور المصري فيما ذكرت في مقابل إطلاق يد مصر في التدخل المباشر في السودان بل وتوفير السند له.
بناء على ذلك، السيناريوهات المتوقعة هي :
=اولا: المستفيد الأكبر من تشظي الساحة السياسية سيكون هو البرهان، حيث ستنشغل القوى السياسية مع بعضها البعض في محاولة فرض كل واحده لاجندتها على المشهد السياسي مما يمكن من تمدد المكون العسكري بقيادة البرهان والذي سيستفيد من عامل الزمن في بسط نفوذه عبر:-
- دمج الحركات المسلحة داخل الجيش وفق معادلات محسوبة.
- دمج الدعم السريع داخل الجيش وإبعاد قيادته عن مركز القوة الذي تتمتع به وبالتالي القضاء على اهم خصومة وهو محمد حمدان دقلو.
- اخيرا التفرغ لتصفية مكامن التهديد داخل المؤسسة العسكرية بكل هدوء بعد ان استطاع تحييد والسيطرة على مناطق تهديد طموحة وبالتالي إقامة انتخابات لتاتي به رئيسا منتخبا مسنود بالشرعيه الانتخابيه ومسنودا من مصر وأمريكا وإسرائيل وآخرين .
= ثانياً : ستتبني القوى السياسية والاجتماعية التي تنادت للمبادره المصريه النظام السياسي المختلط، رئيس جمهوريه يتم انتخابه من الشعب، رئيس وزراء صاحب أكبر كتلة برلمانية، وذلك تمهيدا لشرعنة انتخاب البرهان
رئيسا للجمهورية في الانتخابات القادمة بسند ودعم من هذه الكتلة.
= ثالثا : تكوين التحالف الذي ستفضي إليه المبادرة المصرية سيجد نفسه مرغما- وفقا لمعالات الواقع والمصلحة السياسية -الي تبنيي إنتخاب البرهان رئيسا للجمهورية وبالتالي يخدم هذا الاتجاه ايضا البرهان في المقام الأول.
= رابعاً : سبجد حزب الامة القومي نفسه أمام خيارت صعبة:
- اما مواصلة تحالفه مع اقليات اليسار التي تتكيء عليه، وهنا سيجد معالم خسارته لامتداداته الجماهيرية في الانتخابات القادمة.
- أو التخلص من الحمل الزائد والمكلف لمجموعات اليسار من خلال تحرك عقلاء الأنصار المؤثرين والدعوة لعقد المؤتمر العام وعزل قيادته ذات التوجه اليسارى والاتيان بقيادات انصاريه تعيد الحزب التاريخي لرشده توجهه الإسلامي.
= خامساً: الحزب الشيوعي سيكون من المستفيدين من الفتره الانتقاليه من خلال:
- توظيف عدد من عضويته في مواقع مؤثره بالخدمة المدنية وبالتالي المنافسة على النقابات العمالية التي تستهويه تاريخيا والتي سيعمل عبرها كمجموعات ضغط.
- حصل الشيوعي على أموال ضخمه إبان الفترة الأولى لمشاركته في مؤسسات الفترة الانتقالية ايام عنفوان لجنة التمكين مما سيمكنه من خوض الانتخابات والحصول علي عدد من الدوائر، بالاضافة إلى فوزه بعدد من النقابات العماليه في قطاعي (التعليم، الصحه).
= سادسا : تغييب التيار الإسلامي عما يدور في الراهن السياسي ستكون له آثار غير حميدة على الساحه السياسية لتعمقه في وجدان الشعب السوداني، ويعتبر قوه مؤثره على الأرض، فإن قبل لنفسه الغياب طوعا عن راهن الأحداث السياسية، بلا شك لن يقبل ان يتم تفصيل المشهد السياسي على قوى محددة دون الأخرى، لذلك كان من التعقل ان يشرك في قضايا ما بعد الانتقال.
= سابعا : ستجد القوى اليساريه المتدثره تحت عباءة قحت ان مواقفها وتكتيكاتها باءت بالفشل وعزلت نفسها، وبالتالي ستحاول القفز في الظلام او الانتحار ديمقراطيا وفي كلا الحالتين ستكون هي الخاسر الأكبر.