لما انتخب ريشي سوناك، الهندي الأصل، رئيساً لوزراء بريطانيا في أكتوبر الماضي، كتب بعض الإنجليز متحسراً على درك الانحطاط الذي حاق ببريطانيا للحد أن يحكمها عبد!!!الأوروبيون والبيض عامةً يرون أن الهنود عبيد، وكذلك يرون أن العرب عبيد، دع عنك نحن الأفارقة الذين يرانا كثيرون عبيداً. الخواجات عامةً يرون أن العرب عبيد، من نسل السيدة هاجر أمَة سيدنا إبراهيم، ولذلك كانوا يسمونهم الهاجريين Hagarain نسبة إلى أمهم هاجر، وتعني أولاد الخادم (هاجر).
وحديثاً يسمي الأمريكان العرب «عبيد الصحراء» أو «عبيد الرّمْل» (رمل الصحراء)، ولكم هتفوا ضد عبيد الصحراء Sands Niggers بعد 11 سبتمبر.
حتى المهاتما غاندي كان عنصرياً حين كان مقيماً في جنوب أفريقيا، ويرى أن قومه أقيم وأرقى من الأفارقة المتوحشين!!! ومواقفه في هذا الصدد موثقة.. وعنصرية غاندي تماثل عنصرية المتنبي وهو يهجو كافوراً. كان المتنبي موغلاً في عنصريته توغل القحاتة في جهالتهم.
ولأخينا مالكولم أكس – رضي الله عنه – رأي قريب قليلاً في مسأله العبودية من قول المتنبي: العَبْدُ لَيْسَ لِحُرٍّ صَالِحٍ بأخٍ لَوْ أنّهُ في ثِيَابِ الحُرّ مَوْلُود.لكن مالكولم يقوله ساخراً ، فمعروف عنه أنه يرى أن تصنيف الإنسان عبداً بسواد بشرته غير سليم ، فهناك ما هو أهم .
مالكولم يرى أن العبد الحقيقي هو الخاضع الخانع الذليل الذي يرضى بالمهانة. ولذلك يَسْخَر فيصنّف العبيد لعبيد منزل House Nigger» «، وهو العبد الحقيقي الخانع الذليل، وعبد الحقل Field Nigger» « وهو المتمرد العزيز الرافض للذل.
والناس مفطورون على احترام العزيز.. وحتى الذين يظنون أنفسهم سادة يقدِّرون العزيز المُعْتَد بنفسه، ويحتقرون الذليل.
حدَّثني السفير المرحوم دكتور بابكر على خليفة حين كان يعمل في بعثة الأمم المتحدة للصومال (UNISOM)، أن الدبلوماسيين الأمريكان كانوا يكرهون الزعيم الصومالي الجنرال عيديد، وكانوا يعارضون في تعالٍ وغطرسة أي إمدادات من البعثة لمناطق سيطرته، إلى أن جاء يوم أسقط طائرات البلاك هوك وقتّل جنودهم وجرهم أنصارُه بالأرض كما تُجر الفطيسة.
قال دكتور بابكر: عقب ذلك الحادث، وافق الدبلوماسيون الأمريكان بلا تحفّظ على وصول الإمدادات لمناطق عيديد!!فسأل دكتور بابكر أحدهم عن سبب ذلك الموقف الفجائي المناقض لكل مواقفهم السابقة، وأجابه الأمريكي: «لقد هَزَمَنا»..وأضاف، مستشهداً بالمثل الأمريكي:«If You Can not Beat them Join Them» احترموه وأنوفهم راغمة.
وبعد احتلال أميركا للعراق، أصبح بول بريمر الحاكم بأمره، لا يُردُ له أمر.. وفي هذا الصدد، يروي العراقي عبد الحسين الفتلاوي فيقول: «احنا بِعْنَا كلشي مقابل لا شي… وباطن الأرض أشرف من ظهرها لهكذا شعب مغفل»..هكذا قال عبد الحسين الفتلاوي، عضو الوفد العراقي الذي زار أمريكا بعد الاحتلال عام ٢٠٠٣.يقول: «ذهبنا إلى أمريكا (كوفد مؤيد للاحتلال) وكنا نستقبل باحتقار واضح… لكن هناك مجاملات ظاهرية بائسة إلى أن جاء دور زيارتنا إلى البنتاغون… استقبلنا أحد الضباط وكان من الصقور وأجلسونا في قاعة، وبعد انتظار دام بحدود نصف ساعة دخل علينا هذا الضابط وكانت عيناه مليئة بالاحتقار… وقال:«كنا نعزي صمودكم إلى شعب عظيم، لكن تبين أنكم طوائف متهالكة، تسرق نفسها، وتعاون كل غريب؛ لتدمير بلدها… وفضل صمودكم يعود لرجل عظيم، نجح في بناء منظومة حكم شريفة، قلّ نظيرها في التاريخ… وربما هو هذا السبب الذي جعل قادتنا يأمرون لتدميرها…. انتهى ما أردت إيصاله لكم…. يمكنكم الانصراف»…يقول عبد الحسين: «لم أسمع في حياتي كلمات احتقار جماعي مثل الذي سمعته».
ما قاله هذا العراقي سبقه إليه أيوب صبري، قائد الجناح العسكري لجمعية الاتحاد والترقي، التي كانت من بين المتآمرين على السلطان عبد الحميد.وقاله المتآمر الآخر أنور باشا..ولكن اعترافهم كان بعد خراب مالطا!!في المقابل، ورغم تعاليه كان بريمر يحترم دكتور محسن عبد الحميد، رئيس الحزب الإسلامي العراقي، الذي كان شجاعاً أمامه.
كان دكتور محسن دائماً يصف الأمريكان بالمحتلين، وفي أحد الاجتماعات وفي وجود بريمر قال:«حين احتلت أميركا بغداد»…فقاطعه أحد القحاتة العراقيين، قائلاً: ولماذا لا تقول «حررتها»؟؟ فتدخل بول بريمر قائلاً: «ما يقوله دكتور محسن صحيح، نحن محتلون»!!!
يقول دكتور محسن، إنه لما عزم بريمر على مغادرة العراق نهائياً، أرسل له سكرتيره قائلاً: إنه يريد أن يودعه لكنه يخشى أن يُقتل، فقد كانت عمليات المقاومة اشتدّت.فلما ذهب دكتور محسن لبريمر اعتذر له قائلاً: أنا متأسف جداً، كان ينبغي أن أزورك أنا، ولكنني أريد لقاء زوجتي من جديد !!!
لكن «أنا أقدِّرك كثيراً لأنك حافظت على دينك، وحافظت على حزبك، وقلت الحق دائماً». وفي طرف «عبيد المنزل» هناك فتح الله غولن الذي يتزعم جماعة الخدمة «Hidma» التركية، والذي كان يتبعه مئات الألوف باعتباره زعيماً دينياً..
وكان ماسونياً قوي العلاقة بإسرائيل، ورتب لانقلاب 2016م الفاشل في تركيا، وهو مقيم في ولاية بنسلفينيا ، ويعمل مع » «CIA والخارجية الأمريكية.
ويروي لطيف أردوغان (لا قرابة له بالرئيس أردوغان) الذي كان نائباً لغولن في جماعة الخدمة، ثم انشق عليه، أن غولن قال له مشتكياً: إن الأمريكان لا يحترمونه، بل يحتقرونه، وإنه حين يذهب للخارجية الأمريكية لتقديم تقريره الشهري عن الأوضاع في تركيا، يلتقيه شاب عشريني، وهو رجل فوق السبعين من عمره!!!
وشاهدنا الطريقة المذلة التي يتحدث بها ترامب مع محمد بن سلمان، وترامب يستعرض المليارات التي سينفقها السعوديون لشراء الأسلحة، وابن سلمان خانع خاضع. وهذا ليس عجباً في تعامل السادة مع العبيد.
فمهما خنعوا أبقى السادة أحذيتهم على رقابهم، ثم لفظوهم كما تُلفظ الخِرقة القَذِرة.وقد فعلوا ذلك مع ماركوس رئيس الفلبين، ومع حسني مبارك، ومع ملك الملوك الشاهنشاه إمبراطور إيران، ومع دڤالييه في هاييتي.
كلهم كانوا » House Niggers «.العالمون ببواطن الأمور يتحدثون عن الطريقة المهينة التي يتعامل بها ڤولكر والسفير الأمريكي مع البرهان وقحاتة «سفارة.. سفارة».
بل يتحدثون عن انكسارهم حتى أمام سفير الأمارات!! «فحَنّ لي وبكى وأنّ لي وشكى وقال لي: يا فتى ضاقت بك الحِيَلُ» لقد والله ضاقت بنا الحيل. ياسر أبّشر ———— 30 ديسمبر 2022