يوم السبت، وجه المجلس المركزي لقوى الحرية تحذيراً للمكون العسكري.. قرأت التحذير في (اليوم التالي)، وتذكرت حكاية الأعرابي الذي سرقوا ناقته، فغضب وذهب إلى سوق المدينة وصاح في الناس محذراً : (تشتروا لي ناقة ولا أطبق فيكم نظرية جدي قبل خمسين سنة لمن سرقوا ناقتو)، فتوجس القوم من التهديد وتبرعوا واشتروا له ناقة أخرى.. ولاحقاً، سألوه عما فعله جده عندما سرقوا ناقته، فأجابهم بكل برود: (اشترى ناقة تانية)..!َ!:: وإليكم تحذير شهاب الطيب عضو المجلس المركزي ومتحدث التحالف الوطني السوداني، بالنص: (لا نستطيع أن نؤكد تماماً موقف المكون العسكري من العملية السياسية، لأنه حتى الآن وافق عليها نتيجة ضغوط داخلية وإقليمية ودولية، ويمكن أن يستخدم رفض لجان المقاومة للعملية مدخلاً للتراجع عن الحل السياسي).. هكذا يكشف شهاب للشعب والمجتمع الدولي والإقليمي ما لا يعلمونه، أو ما ليسو على يقين به، ليتيقنوا..!!:: فالمجلس المركزي لا يعرف موقف العساكر من (التسوية الثنائية)، لأن العساكر وافقوا عليها – لحد التوقيع على الإطاري – بثلاثة ضغوط، واحدة داخلية وأخرى إقليمية وثالثة دولية، وهذا يعني أن العساكر لم يوقعّوا طوعاً واختياراً، كما يقولون، بل خوفاً من القوى الدولية والإقليمية والداخلية.. وبالتأكيد يقصد شهاب بالقوى الداخلية أحزاب المركزي الثلاثة ( الأمة، المؤتمر السوداني، التجمع الديمقراطي)، إذ ليست بالداخل قوى راغبة في التسوية الثنائية غير هذه الثلاثة ..!!:: وامتثال العساكر لضغوط ثلاثة أحزاب لا غبار عليه، فهي أحزاب وطنية ساهمت في الثورة، وساعية للسلطة بكل الوسائل، بما فيها غير المشروعة، أي بدون انتخابات، كما فعل الفلول قبل (33 سنة).. ولكن غير الطبيعي هو امتثال العساكر لضغوط قوى إقليمية و دولية.. هذا الامتثال (عيب كبير)، ونوع من السماح بالتدخل الجائر في الشأن السوداني، وانتهاك للسيادة الوطنية.. كان على العساكر أن يكونوا الأحرص على حماية السيادة من (التدخل الضاغط)..!!:: وبالمناسبة، للقوى الدولية تجارب ديمقراطية مثالية، ولذلك تضغط على العساكر لنقل تجاربها إلى بلادنا، وهذا مفهوم.. ولكن للقوى الإقليمية تجارب ديمقراطية؟، بمعنى هل في إقليمنا العربي والأفريقي دولة مؤهلة ديمقرطياً لنقل تجربتها إلى بلادنا بالضغط على العساكر، كما يقول شهاب؟.. فالإجابة (لا)، ولكن سفراء تلك الدول وجدوا في بلادنا ظهوراً منحنية، فامتطوها.. وقديماً قال مارتن لوثر: لا يستطيع أحد ركوب ظهرك ما لم تكن منحنياً..!!:: وما لم تأت الحكومة مدنية بالإرادة الوطنية، فهي تصبح مجرد حكومة عميلة .. وعلى كل، نرجع لتحذير المجلس المركزي من استغلال العساكر لرفض لجان المقاومة للتسوية في التراجع عنها.. وفي التحذير اعتراف بأن لجان المقاومة ضد التسوية، وبالتالي ضد المجلس المركزي، كما هي – أصلاً – ضد العساكر.. وعليه، إن كان الشارع ضد التسوية، فما معنى تهديد شهاب – للعساكر – برفع الغطاء السياسي عنه في حال التراجع عن التسوية ..؟؟:: ليس لهذا التهديد معنى يا شهاب .. معاقبة العساكر برفع الغطاء السياسي عن (شارع ما حقك) لا تختلف عن معاقبة سارقي ناقتك بشراء ناقة أخرى، وعليكم التفكير في عقاب آخر.. كأن تشكوهم لفولكر و السفراء الثلاثة..!!