البعد الاخر :مصعب بريــر: إصلاح الخدمة المدنية يبداء باعتماد شروط شغل الوظائف القيادية (2) ..!

عقب الأستاذ احمد الأمين قسومة على مقالنا الاول حول اصلاح الخدمة المدنية بمقال قيم راينا ان نعيد نشره للفائدة ، وابتدر قسومة تعقيبه قائلا : في بدايات الثورة وارهاصات تكوين حكومة مدنية كانت المطالبة بتكوين حكومة كفاءات ، و لكن من خلال الممارسة اتضح بأن مفهوم الكفاءة به قصور ، و حتى الآن يسير الوضع على ما هو عليه ، و هذا جلب إلينا الساسه للدخول في دوامة الخدمة المدنية ، و بالتالي انهيارها ، لانهم أصبحوا يعتقدون بأن السياسي كفاءة ، في حين أنه قد يكون كفاءة في التخطيط ، و لكن الكفاءة في التنفيذ والقيادة تختلف تماما عن التخطيط ..

و محاوله منا لتوضيح ذلك كتبنا يومها هذا تحت عنوان “حكومة كفاءات” ، أولا ، ما هو المعيار الذي يستند عليه لتحديد شخص ما بأنه كفاءة ؟!

نحن السودانيين نعتقد بأن الدكتور فلان الجراح المعروف عالميا هو كفاءة على الإطلاق ، و لذا من الممكن أن نطالب بأن يكون هو وزيرا للصحة ، الحقيقة هذا الفهم لتعاملنا في تحديد المعيار هو أول مفاتيح الفشل ، و لو كنت انا شخصيا ذلك الجراح الماهر و قدم لي هذا الطلب و التكليف كنت سوف ارفض دون تردد ، ليس هروبا أو عجزا ، و لكن هذا الموقع لا يحتاج إلي طبيب جراح ، و إنما إداري مهني بحت مثل أن يكون عمل مدير لمستشفى او ضابط صحة عامة في ولاية او طبيب اداري من الموجودين بالوزارة ، و هكذا كل المناصب التي تدور حول إدارة شؤون الدولة و الحكومة تحتاج لمثل هذه النظرة ، و يقال عنها بانها حكومة تكنوقراط ، و بعد هذا من الممكن أن نضيف إليها الخبرة أو المعرفة بالشؤون السياسية عندما نحتاج للانفتاح في تشكيل الحكومات لاحقا ، أما في حالة الحكومات المحددة الأهداف فلا مجال ..

هنالك أمر آخر مهم لتحديد مستوى الكفاءة و هو الإلمام بالشأن الداخلى اجمالا مكانا و عرقا ، لانه من الممكن أن يكون هنالك طبيب عمل في مجال إدارة الصحة و لكن لم يمارس ذلك داخل السودان و معظم حياته كانت خارج السودان ، و بذلك لن تكون لديه الفكرة الكافية لمشاكل القطاع الصحي ، و هكذا ، و من هذا المفهوم نستطيع الطواف به على كافة قطاعات ومؤسسات الدولة ..

ثانيا ، هنالك شيء مهم جدا ، و هو في ظل الصراعات الدولية في المنطقة يصبح معيار الوطنية الصارخة تمييز ، حتى لا نفتح الباب للوكلاء و عملاء الخارج للوصول لمفاصل الدولة ، و لكن كيف تقاس هذه الميزه ؟! الكل سوف يدعي بأنه لا يوجد من هو أكثر منه وطنية ، لتجاوز هذه المعضله من الممكن و ضع شرط بسيط و عملي في شروط الترشيح ، مثل أن لا يكون قد غادر البلاد لفترة لا تقل مثلا عن 14 سنة ، مع استثناء حالات الدراسة و التطوير المهني ، و هذا ليس ابتكار أو إقصاء لان معظم الدول تضعه و فق شروط قبولها للمرشحين للمناصب السيادية ، و تستثني في حالات الاستعانة الاستشارية فقط ، من ضمن هذه الدول امريكا و تتفاوت فقط في المدة ..

ثالثا ، داخل دولاب العمل في الخدمة المدنية يجب أن يتم شغل الوظيفة القيادية وفق طابع التدرج الوظيفي الطبيعي حتى أعلى الدرجات ، و إلغاء مبدأ التعيين للوظائف الإدارية القيادية ، حتى يكون هنالك حافز للموظف بالاجتهاد للوصول للدرجات العليا ، و ذلك يمكن التوفيق فيه سياسيا بأعمال مبدأ الترقيات وليس التعينات ، هذا لما سوف يكون في المراحل المفتوحة ، أما في هذه الفترة فلا ..

رابعا ، بعد التنقيح من الممكن أن يتم اختيار ثلاثة شخصيات للمنصب ، على أن يقدم كلا منهم رؤية حول طريقة تنفيذه للمهام الموكلة له ، مع تخطيط زمني لامكانيات التنفيذ ، حتى تكون هنالك فرصة لاختيار الأكثر مقدرة و ثقة ، قد يقول قائل بأنه لم يستلم المنصب كيف يعرف ؟! في معظم دول العالم يكون للمرشح فكرة مبدئية عن الموقع الذي سوف يعمل به ، فإذا كان يمتاز بالخبرة الكافية من السهولة بمكان أن يضع تصور مبدئي للنهج الإداري الذي سوف يتخذه ، مع الآليات التي سوف يستخدمها ، سبق لنا أن شاهدنا مثل هذا في تعينات الشركات الكبرى للوظائف القيادية التنفيذية ، و غالب الأحيان تتم عبر انترفيو ، و هذا من أبجديات علم الإدارة .. بعد استكمال الخطوات المحددة يجب أن تكون هنالك خطه مبدئية لتجميع جميع قطاعات مكونات الحكومة و فق فترة زمنية محددة ويجب أن يتم كل ذلك قبل أداء القسم ..

في حالة تطبيق مثل تلك الاقتراحات نضمن سلامة العبور و سلاسته ، و ليس بالضرورة أن تحل كل المشكلات ، و لكن نكون قد و ضعنا انفسنا على الطريق الصحيح
وما التوفيق إلا من عند الله .. انتهى

بعد اخير :

لم اكن اتوقع هذا التفاعل المدهش مع هذه السلسلة من المقالات ولكن يبدو ان الساحة عطشى لمثل هذا التفكير خارج الصندوق ، لا سيما فى ظل علو كعب سلاح القوة وتنمره على سلاح الكلمة والعلم ، فنحن فى عهد التهريج والتهديدات المفضوحة بتصفية الحسابات المسنودة بقوة عين العملاء فى هذا العهد البئيس ، ودونكم تهديدات التصفية التى يتعرض لها منسوبى التلفزيون القومى بكل قبح وتنمر دون ان تجد من يشجبها حتى الشجب انذوى خجلا .. اعوذبالله ..

بعد تانى :

سنتاول بالتحليل نظم الترقي لشغل الوظائف القيادية التى سادت بعد الاستقلال وحتى الان تفصيلا بمقالاتنا القادمة بمشيئة الله تعالى ..

اللهم لا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك ولا يرحمنا يا أرحم الراحمين

حسبنا الله ونعم الوكيل

البعد الاخر
مصعب بريــر
الأربعاء 28 ديسمبر 2022م
musapbrear@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *