كاد الصحافي الهضيبي ياسين، أن يفقد حياته على يد إحدى عصابات النهب والخطف التي يطلق عليها محلياً عصابات (تسعة طويلة)، وهو في طريق عودته إلى منزله بمحلية شرق النيل بالعاصمة السودانية الخرطوم، ولم يكن الهضيبي أول الضحايا ولن يكون آخرهم وفقاً لمراقبين في ظل الفراغ الدستوري وحالة الهشاشة الأمنية التي تشهدها البلاد، إذ سبق وأن راح الكثيرون دفاعاً عن أنفسهم ومتعلقاتهم الشخصية، دون ضبط الجناة.
يستغل أفراد عصابات «تسعة طويلة»، الذين دائماً ما يتحركون في شكل مجموعات بالدرجات النارية، لتمكنهم من الهرب بسرعة بعد ارتكاب جريمتهم، إذ يعترضون المارة باستخدام عنصر المفاجأة للضحية ويخطفون ما بيده بسرعة البرق، وفي حال مقاومتهم يكون مصيره الأذى الجسيم، أو الموت طعناً بآلة حادة وتقييد الجريمة ضد مجهول.
يؤكد الخبير الأمني اللواء شرطة متقاعد الطيب عبدالجليل لـ «البيان»، أن بروز عصابات «سعة طويلة» بهذا الحجم، هو نتيجة لانصراف الشرطة لمهام أخرى خارج سياق عملها الروتيني، بسبب حالة الاستنفار المستمر للتصدي للتظاهرات،
بجانب أن هناك نقصاً كبيراً في القوى البشرية التي تقوم بالعمل الأمني، مع هدر للموارد البشرية، لا سيما في ظل للتسرب المتواصل وسط الجنود وضباط الصف وحتى الضباط.
ويشير إلى أن أولويات الدولة تتركز الآن حول الجانب السياسي، والتعامل مع احتجاجات الشارع، وباتت الميزانيات تذهب لمواجهة التظاهرات، دون الاهتمام بالعمل الروتيني للشرطة، في القيام ببرامج مكافحة الجريمة وضبط المتفلتين.
دون رقابة
ويؤكد اللواء عبدالجليل أن وجود أعداد كبيرة من الفصائل المسلحة دون رقابة عليها وضبط، ودون مرتبات لمواجهة متطلبات المعيشة، جعل تلك العناصر تتجه للتفلت والاتجاه نحو الجريمة، وأضاف: «هذا ما حدث بالفعل من خلال الكثير من جرائم النهب والخطف التي ترتكبها عناصر مسلحة بالسلاح الناري والأبيض، بجانب ظهور الجريمة المنظمة».
ويرجع رئيس «جمعية صحفيون ضد الجريمة» د. طارق عبدالله في تصريح لـ «البيان» انتشار عصابات «تسعة طويلة»، إلى هشاشة الوضع الأمني الناتج عن الاضطرابات السياسية في البلاد، بجانب دخول الحركات المسلحة بقواتها دون وضع الترتيبات الأمنية المنصوص عليها في اتفاق السلام موضع التنفيذ، وقال إن هناك عصابات تعمل في التجنيد باسم الحركات المسلحة وكونت تشكيلات إجرامية تحت غطاء الحركات المسلحة.
وحول عجز الشرطة عن مواجهة تلك العصابات أكد عبدالله أن هناك الكثير من العوامل التي أدت إلى تراجع أداء الشرطة في الآونة الأخيرة،
أبرزها الهجمة التي تعرضت لها الشرطة بعد التغيير، بجانب الإقالات التي طالت عدداً كبيراً من قادة الشرطة الذين كانوا يديرون العملية الأمنية. ولفت إلى أن التغييرات التي شهدتها الأجهزة الأمنية أنهت التنسيق الذي كان قائماً بين الشرطة وجهاز المخابرات والاستخبارات العسكرية.