وكالات : كواليس
منذ الخروج التدريجي لجيف بيزوس من الصورة، تعيش شركة “أمازون” (Amazon) الأميركية أزمة إدارية واضحة يخشى البعض أن تؤثر على مستقبلها. عشرات المديرين التنفيذيين قرروا الاستقالة من مناصبهم خلال فترة زمنية قصيرة ولأسباب متشابهة، الأمر الذي وصفه البعض بـ”تخلي الكبار عن بيزوس”. فهل تؤثر هذه التغييرات على مستقبل عملاق التسوّق الإلكتروني؟
بيزوس يبني أمازون من الصفر
لفهم ما يجري من تغييرات إدارية، لا بد من العودة إلى البدايات؛ إذ أنشئت أمازون في الخامس من يوليو/تموز 1994 على يد جيف بيزوس كموقع لبيع الكتب، وكان اسمها في ذلك الوقت “كادابرا” (Cadabra)، قبل أن يتم تغيير اسمها إلى أمازون في وقت لاحق من العام 1995.
وفي بداية الألفية الثالثة، تطوّر موقع أمازون تطورا كبيرا، فصار يقدم خدمة تسجيل الأعضاء في الموقع، ومنحهم ميزات عديدة كالشحن المجاني، وميزة البث، والتسوق، والقراءة.
وفي العام 2007، أطلقت الشركة متجر “كيندل” (Kindle) الإلكتروني المتخصص في تصفح وقراءة وشراء الكتب والمجلات والصحف، وفي الفترة نفسها تقريبا أطلقت أمازون منصة الحوسبة السحابية الشاملة لوصول العملاء للموارد والخدمات الخاصة بهم بشكل أسرع، كما وفرت العديد من الأدوات لإدارتها وسهولة التحكم بها من قبل العملاء، وتم إطلاق أول عرض عام 2006 وكان عرضا خاصاً بمواقع الويب والتطبيقات من قبل العميل، وأخذت تنتشر وتزدهر.
ومنذ إنشاء أمازون حتى يومنا هذا، قامت الشركة الأم بإنشاء الكثير من الشركات الفرعية التابعة لها التي تقدم خدمات متنوعة وفريدة.
بيزوس يقود أمازون بـ”فريق إس”
قام جيف بيزوس بتأسيس ما يسمى “فريق إس” (S-Team)، وهو فريق من المديرين التنفيذيين الكبار الذين يتولون اتخاذ القرارات في الشركة ويقومون باجتماعات دورية فيما بينهم.
ويتكون “فريق إس” من:
– جيف بيزوس – المدير التنفيذي السابق لأمازون: وهو مؤسس شركة أمازون، وقام بقيادة الشركة وتوجيهها منذ عام 1994.
– آندي جاسي – المدير التنفيذي الحالي لأمازون: شغل منصب المدير التنفيذي للشركة منذ العام 2021، وقد كان سابقا المدير التنفيذي لشركة “أمازون ويب سيرفيسز” (Amazon Web Services) المعروفة باسم “إيه دبليو إس” (AWS) الفرعية.
– ديف ليمب – نائب أول للمدير التنفيذي في مجال الإدارة الرقمية: المسؤول عن الإدارة الرقمية وتطوير أجهزة أمازون وأعمالها وتطبيقاتها، ومن ضمن تلك الأعمال مشروع كيندل و”أليكسا” (Alexa) وتطبيق الروبوت الناشئ “أسترو” (Astro).
– بيث جاليتي – نائبة أولى للمدير التنفيذي في مجال الموارد البشرية: المسؤولة عن التوظيف ونظام الرواتب والعلاوات لموظفي شركة أمازون.
– نيل ليندسي – نائب للمدير في مجال التسويق والخطط التسويقية حول العالم: المسؤول عن الإعلان وإدارة المبيعات والترويج والعمل في سوق المال وقياس عائدات الاستثمارات التسويقية للشركة في أنحاء العالم، وهو المدير التنفيذي لشركة “أمازون برايم” (Amazon prime) الفرعية.
– بريان أولسافسكي – نائب أول للمدير التنفيذي في مجال العلاقات المالية والاقتصاد: المدير المالي لأمازون والمسؤول عن إبرام الصفقات المالية للشركة.
– ديفيد زابولسكي – نائب أول للمدير التنفيذي والمستشار العام: وهو المستشار العام في أمازون منذ العام 2002، ومسؤول عن المسائل التنظيمية في الشركة.
– جاي كارني – نائب أول للمدير التنفيذي: هو رجل العلاقات العامة في الشركة، إذ إنه المسؤول عن قسم شؤون الشركة والعلاقات العامة، وهو أحدث فرد في الفريق، إذ انضم إلى الشركة في العام 2015.
كبار المديرين يتخلون عن أمازون
منذ بداية العام 2021، قام أكثر من 90 رئيسا تنفيذيا ونائب رئيس بترك أمازون في أوقات متفرقة من السنة، كان آخرهم غريغ زهر وتوم تايلور، حيث أعلن زهر أمام الموظفين أنه سيتقاعد وذلك بتاريخ 11 أكتوبر/تشرين الأول 2022، وفي اليوم نفسه أعلن تايلور تقاعده.
وذهب العديد من هؤلاء المديرين الذين تقاعدوا للبحث عن فرص عمل أخرى في شركات ناشئة أو شركات منافسة، ومنهم من بدأ عمله الخاص، والبعض الآخر تقاعد فعليا.
أمرٌ غريب أن تخسر شركة ضخمة مثل أمازون هذا العدد الضخم من الموظفين الكبار في ظرف عامين فقط، وخصوصا أنها معروفة بالاحتفاظ بموظفيها الكبار والمديرين لعقود من الزمن.
وقد بدأ هؤلاء الموظفون الكبار ترك أعمالهم في الشركة منذ أن أعلنت أمازون تعيين آندي جاسي مديرا تنفيذيا بدلاً من جيف بيزوس.
وتم تأكيد رحيل زهر وتايلور من قبل شركة أمازون، مما سيترك فجوة كبيرة في قيادة الأعمال الكبيرة والمشاريع، لأنهما من أقدم الموظفين المخضرمين في الشركة، وأيضا زهر هو مخترع أداة ومتجر كيندل، وتايلور يعد المشرف الرئيسي على أدوات أليكسا، لكن الشركة أكدت أنه تم سد الفراغ وتعيين مديرين جدد من داخل الشركة، وأن مشروعي أليكسا وكيندل ما زالا مستمرين بالقوة والزخم نفسيهما.
هل تتأثر أمازون بالاستقالات؟
على إثر سلسلة الاستقالات الكبيرة، تمر أمازون بمجموعة كبيرة من التخبطات في سوق المال العالمي، إذ أعلنت عن خسارتها وانخفاض نسبة المبيعات في السوق المالية للمرة الثانية على التوالي؛ ففي الربع الثاني لعام 2021 بلغت الخسائر ملياري دولار أميركي، وفي الربع السابق بلغت الخسارة 3.8 مليارات دولار أميركي، وأعمال المتاجر الإلكترونية الخاصة بالشركة سجلت انخفاضا بنسبة 4%، وهي خسائر فادحة.
الخسارات المعلنة من قبل أمازون تزامنت مع بداية سلسلة استقالات المديرين في مطلع العام 2021، وتعاني الشركة حاليا من تباطؤ الطلب الاستهلاكي من متاجر الشركة وارتفاع التكاليف الخاصة بالسلع في الوقت نفسه، لكن المدير التنفيذي للشركة آندي جاسي أبدى تفاؤله بخصوص مستقبل الشركة، إذ صرح بأنه على الرغم من استمرار تضخم الضغوط في تكاليف الوقود والطاقة والنقل، فإن الشركة تحرز تقدما في التكاليف التي يمكن التحكم بها مثل تكاليف السلع الإلكترونية.
كما أنه أشار إلى تحسن سعر سهم أمازون بأكثر من 10%، وهي نسبة أعلى من المتوقع بعد ترك المديرين الكبار الشركة، وبلغت نسبة المبيعات زيادة قدرها 7%، إذ بلغت 121 مليار دولار مقارنة مع 113.1 مليار دولار في الربع الثاني من عام 2021.