فصل الدين عن الدولة العامل المشترك !! ..
-كان التاريخ يعيد نفسه ما بين العام 1988 والعام 2023م .. 35 سنة مضت بين اتفاق الميرغني الاب – قرنق والميرغني الابن – الحلو ووقتذاك لم يبلغ السيد جعفر الصادق محمد عثمان الميرغني من العمر 15 عاما فهو من مواليد العام 1973 .. الا ان العامل المشترك بين الاتفاقان تعطيل الحدود واقرار علمانية الدولة ففي العام 1986 عقب انتفاضة ابريل لم يشارك الحزب الاتحادي الديمقراطي في اتفاق التجمع الوطني في الفترة الانقالية (سوار الذهب) في إعلان كوكادام بأثيوبيا والذي أيده حزب الأمة القومي .. وفي أعقاب تصاعد وتيرة الحرب وإحتلال الحركة الشعبية لتحرير السودان منطقة الكرمك وقيسان وجد الحزب الاتحادي الديمقراطي أنه لا سبيل لحل المشكلة إلا من خلال الحوار السلمي فأرسل الحزب وفداً ضم اثنين من وزرائه (سيد أحمد الحسين ومحمد توفيق) للتفاوض مع الحركة الشعبية وكاد أن يتم التوقيع بين الوفدين لولا إقتراح قدمه الوزير محمد توفيق بتأجيل التوقيع على الاتفاق ليكون لاحقاً على مستوى زعيمي الطرفين (الميرغني – قرنق) ليكون التزام الطرفين عالياً ..
- بالفعل غادر الوفد للخرطوم وعاد مرة أخرى للعاصمة الأثيوبية أديس أبابا برئاسة السيد/ محمد عثمان الميرغني وضم في عضويته سيد أحمد الحسين ومحمد توفيق وحسين أبو صالح وأحمد سعد عمر وعبدالحكم طيفور وتم توقيع إتفاق عرف بإتفاقية السلام السودانية في 16/ 11/ 1986م بين السيد محمد عثمان الميرغني والدكتور جون قرنق ديمابيور حيث اعتبر المراقبون أن الاتفاق جاء نكاية في اتفاق كوكادام، وبالملاحظة أن مادة الاتفاق شبيهة إن لم تكن مطابقة لإعلان كوكادام الذي لم يوقع عليه الحزب الاتحادي الديمقراطي في مارس 1986م ..
- اشتملت اتفاقية الميرغني (الثاني) – قرنق على البنود التالية:
- تجميد قوانين الشريعة الاسلامية والبنود المتصلة بها وعدم إصدار قوانين جديدة تشتمل على هذه المواد لحين إنعقاد المؤتمر ..
- الغاء كل الاتفاقيات العسكرية بين السودان والأقطار الأخرى.
- رفع حالة الطوارئ.
- وقف إطلاق النار.
- عقد المؤتمر الدستوري بعد تطبيق البنود أعلاه في 31 ديسمبر 1988م.
- لم تجد الاتفاقية موضعاً للتنفيذ وذلك للأسباب الآتية:
- قصف الحركة الشعبية طائرة تقل وزير الدفاع السوداني عبدالماجد حامد خليل عند مغادرتها مطار واو وذلك بعد ساعات من وصول الميرغني ظهر الخميس 16/ 11/ 1988م قادماً من أديس أبابا عشية توقيع الاتفاق مما أدى إلى تعطل محركات الطائرة وهبوطها إضطرارياً.
- صدور بيان من وزير الدفاع يدين الحادثة أكد فيه أن الحركة غير جادة في طلب السلام أو غير مالكة لإرادتها أو غير موحدة الكلمة.
- تسيير الجبهة الإسلامية القومية موكباً ضخماً باسم (أمان السودان) حشدت فيه أنصارها وأرادت فيه تسليم مذكرة للقوات المسلحة تدين فيه وترفض مبادرة السلام (الميرغني الثاني – قرنق) والتي تتعارض مع التوجهات الاسلامية خاصة بأن أحد بنود الاتفاق تجميد قوانين الشريعة الاسلامية .
- سقوط الاقتراح المطروح من الحزب الاتحادي الديمقراطي والأحزاب الجنوبية والمقدم للجمعية التأسيسية (لقبول المبادرة بكل بنودها) وحسم المقترح في جلسة البرلمان 21/ 12/ 1988م بعدم القبول بأغلبية 137 صوتاً مقابل 78 صوتاً.
- انسحاب الحزب الاتحادي الديمقراطي من الائتلاف الحكومي بينه وحزبي الأمة القومي والجبهة الإسلامية القومية في 28/ 12/ 1988م. بذلك أصبح خارج دائرة الفعل التنفيذي للحكومة ..
- الان تتكرر نفس الاتفاقية ذات الهدر العقدي خلال البند الخاص بفصل الدين عن الدولة او بمعنى اصح تعطيل احكام الشريعة الاسلامية واقرار العلمانية مبدأ للحكم .. اتفاق الميرغني (الثالث) – الحلو هو نفس السيناريو الذي يعيد فيه التاريخ نفسه من الميرغني (الاب) الى الميرغني (الابن) مع تغير مقعد قرنق الى الحلو ..